لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥٣) وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٥٤) أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٥))
[يونس : ٥١ ، ٥٥]
فطرت النفس البشرية على التكبر والتجبر ما لم يشع فيها نور الهوى ، فيعلمها التواضع لخالقها الذي هي بضع منه ، ولأن هذه النفس شطر مشطور من الذات الكبرى فإنها تشعر في ساعة الشدة والعسرة بضرورة لجوئها إلى خالقها حتى وإن لم تعترف فكريا به ، كما المشركون الذين يبغون في الأرض بغير الحق ، حتى إذا أخذتهم الشدة استغاثوا الله بالفطرة أيضا ، وهذا ما عبرت عن الآيات.
٥٦ ـ (هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٥٦))
[يونس : ٥٦]
الإحياء والإماتة هنا إشارة إلى اسمه تعالى المزدوج الهادي المضل ، فالضلالة موت والهدى حياة ، وكلاهما من صنع الله عزوجل وفي علمه القديم لإظهار مقتضيات الأسماء الإلهية القاضية بوجود النور والظلام.
٥٧ ، ٥٨ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨))
[يونس : ٥٧ ، ٥٨]
شفاء الصدور شفاؤها من خواطرها ، إذ أن علة الصدر المزمنة هي هذه الخواطر التي لا تغادره وهي له بالمرصاد ، فليحاول الإنسان إيقاف هذا السيل الذي كتب عليه أن يكون هو الإنسان قشة محمولة على زبده ، ولا خلاص من أسر هذا النور إلا بالنور الهادي الذي هو رحمة للمؤمنين ينجيهم من جهنم هذا العذاب.
٥٩ ، ٦٠ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٦٠))
[يونس : ٥٩ ، ٦٠]
لا يحق للإنسان أن يحل ويحرم من عنده فهذا أمر فوق مقدور البشر ، والإنسان جاهل جهول بمصلحته ، والله أدرى به ، فالنصارى الكنسيون الذين حرموا الزواج بأكثر من واحدة عانوا من هذا التحريم ما عانوا ، وإذا الغربيون اليوم يعانون من مشاكل الزنى واتخاذ العشيقات ، وما يتبع من إنجاب الأطفال غير الشرعيين بحيث لا تجد من حل لهذه المشكلة الاجتماعية سوى تعدد الزوجات ، كما نجد في المجتمعات التي تتقيد بالزواج من امرأة