الفلك الأزواج من الصور الظاهرة. فعند نفي العيان تبقى الأعيان الثابتة ، والأعيان صور ، وهي مزدوجة لأنها متقابلة. وما في الوجود إلا هذا الفلك العائم في بحر العماء ، وما عداه من موجودات ظواهر لهذه الأعيان ، أشباح لها وظلال ، إذ للأعيان الثابتة الوجود الحق المشع أزلا عن الله.
٧٥ ـ (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (٧٥))
[يونس : ٧٥]
موسى وهارون القلب ثم الروح وبعثتهما إلى النفس المادية ، والآيات آيات الروح من المعجزات وعلى رأسها الكشف الروحي.
٧٦ ، ٧٧ ـ (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (٧٦) قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (٧٧))
[يونس : ٧٦ ، ٧٧]
السحر التهمة التي يوجهها أصحاب الفكر النظري إلى أصحاب الكشف عند ما ينكرون ما يأتونهم به من علوم ذوقية عجيبة عظيمة.
٧٨ ـ (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ (٧٨))
[يونس : ٧٨]
ما وجدوا عليه آبائهم هم أصحاب الفكر أنفسهم الذين لا يؤمنون بغير الفكر طريقا إلى الحقيقة واستخلاص العلوم عن طريق التجربة وأساليب الحس والعمل ثم التجربة.
والكبرياء العلو في الأرض ، وذلك عند ما يكشف أصحاب العرفان أوراقهم فإذا علومهم عالية على علوم الفكر ، وإذا أحكامهم مسددة عالمية شاملة ، لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها كأحكام الشريعة التي أنزلها الله على الأنبياء.
٧٩ ، ٨٢ ـ (وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (٧٩) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٨٠) فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١) وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨٢))
[يونس : ٧٩ ، ٨٢]
مواجهة علوم الفكر وأساليبه علوم الروح وأساليبه. فالأول سلاحه التجربة والمنطق من مقومات وقياس ونتائج واستدلال ، والثاني سلاحه تجريد القلب من كل ما سوى الله الذي هو نور أتم وعقل كامل حوى العلوم كافة ، وهو لا يسأل الإنسان شيئا سوى أن يكون مجلو المرآة لاستقبال الأنوار
قال محمد إقبال : ترى فلاسفة بالألوف ورؤوسهم مطمورة ، وصاحب الوحي وحده يتحرك