لم يكن العلم للوجود أساسا فالبديل الفوضى والمصادفة ، ولا قوة ولا إمكان ولا استمرار للفوضى والمصادفة.
٨ ـ (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨))
[هود : ٨]
سبق أن تحدثنا عن أجل الأسماء. وكل إنسان اسم ومظهر اسم وحامل اسم ، وهو يعيش أجل اسمه حرا ضمن قوسي الاسم نفسه وترى الكافر يسرح ويمرح في الأرض متباهيا بقوته وكفره ، وكذلك يفعل الطاغية والجلاد حتى إذا استوفى الاسم أجله ظهر الحق فضرب بسيف الاسم نفسه ، فإذا موت طبيعي يصيب صاحب الاسم ، وإذا تحول في ميزان قوى الأسماء ، فيصير من كان ممثل الاسم الخافض هدف ممثل الاسم الرافع ، ومن كان ممثل الاسم المعز يحتل مكان الاسم المذل. وهذا التحول في القوى يجعل العدل الإلهي في النهاية من غير بداية هو القاهر.
٩ ، ١١ ـ (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١))
[هود : ٩ ، ١١]
الرحمة اسم من أسماء الجمال ، كأن يؤيد الإنسان بالاسم العزيز أو القوي ، فإذا مادار الزمان وبدل الاسم فزع الإنسان ويئس ، والسبب استناد الإنسان إلى الاسم لا باعتباره اسما إلهيا هو فضل من الله يؤتيه عبده ويبقيه عليه ، وقد يرفعه عنه بل باعتبار الاسم فرصة من الفرص أتيحت للإنسان وقوة اكتسبها بجهده لا بفضل الله ، والنتيجة أن الإنسان ما لم يبلغ مقام التوحيد وعلمه ، يظل في قبضة الأسماء معتمدا على نفسه ، وهذا حال متبدل لا ثبات له ، ولهذا قيل الدنيا غرارة غدارة ، والخلاص في اعتماد الله كمسبب الأسباب والقاهر فوقها والذي بيده ملكوت كل شيء.
١٢ ، ١٤ ـ (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤))
[هود : ١٢ ، ١٤]
الكنز إشارة إلى ما أيد به موسى من معجزة العصا التي قهرت سحر السحرة في عصره ، والملك ما رافق المسيح من ظهور معجزات كإحياء الموتى وشفاء المرضى بواسطة الملك