موسى الفكر المنور بنور الإيمان ، وقومه الأفكار الأخرى ، وآل فرعون الأفكار السلبية الداعية إلى الإلحاد والشهوات والتشكيك في وجود الله. وهذه الأفكار تفعل في القلب مثل ذبح الأبناء من قبل الأعداء واستحياء النساء. وقوله : (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ،) يعني أن لله الأمر من قبل ومن بعد ، وأنه لحكمة سلط سبحانه على القلب دواعي الشك والسوء.
٨ ـ (وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨))
[إبراهيم : ٨]
وصفه سبحانه نفسه بأنه غني حميد يعني استغناء الذات عن كل ما عداها من الصفات والنسب والإضافات والعالم الخارجي ، إذ إنها جميعا توابع له مظهرة له ، ولو أراد سبحانه ما ظهر بالمظاهر ، ولظل كنزا مخفيا كما ورد في الحديث. فالنور نور سواء تجلى أو لم يتجل.
٩ ، ١١ ـ (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠) قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١))
[إبراهيم : ٩ ، ١١]
الحوار بين المؤمنين والملحدين قديم قدم الإنسان ، وسببه شطر القلب الكلي شطران ، شطر مؤمن وشطر كافر فالمؤمن مؤمن حتى وإن لم يوجد الدليل ، والكافر كافر حتى وإن وجد الدليل ، فالقضية ما لها علاقة بالمنطق والفكر وأسلحة الفكر. والملاحظ أن الحوار بين الفريقين يتم بواسطة العقل ، فالعقل في كل منهما أداة وهو السبيل الوحيد لإجراء الحوار ، علما أن العقل واحد ، والمنطق واحد ولكن ما يقع في ساحة الحوار له خلفية غير العقل ، ولهذا كان العقل سلاحا ذا حدين ، وقال العارف بالله أرسلان الدمشقي : من يطلب الله بالعقل يضلل.
١٢ ـ (وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢))
[إبراهيم : ١٢]
لا يتراجع المؤمن عن موقفه مهما اشتدت الضغوط عليه ، لأن ما يراه المؤمن من نور قمين بشد أزره والرضى ببذل النفس ذاتها في سبيل الإيمان وعدم العودة إلى الإلحاد.
١٣ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣))
[إبراهيم : ١٣]