التضاد ، مع بقاء بقية من وجود الآنية يجعل الصدر ضيقا حرجا ، ولهذا جاء في الآية الخاتمة أن : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)).
واليقين هو المشاهدة الذاتية حيث يغيب الذاكر في المذكور ، والجزئي في الكلي ، والنور العارض في النور الأصيل ، ثم يغيب الشاهد في المشهود ، وإذا وصل العارف هذا المقام فني وفني العالم معه ، وما بقي إلا الله الواحد القهار الوارث يرث الأرض ومن عليها ، والنتيجة حصول برد اليقين ، وهو البرد الذي ورثه إبراهيم ، وعنده يرى العبد الوجود عائما في بحر من النور الأول ، ويرى الناس أشباحا وهياكل يجسدون مشيئة الله وقدرته ، وهذه رؤيا ذوقية عاشها أبو يزيد البسطامي فلما مر يوما على مقبرة لليهود ، توقف وقال مخاطبا ربه : ما هؤلاء؟ كف عظام جرت عليهم المقادير ، أعف عنهم.