سَنَةٍ) [المعارج : ٤] ، فاليوم الإلهي يوم أزلي ، ووصف هذا الأزل بأنه مجموع الأيام الزمنية ، ونضيف بل والساعات والهنيهات.
٢٨ ـ (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨))
[النحل : ٢٨]
قلنا : الملائكة المعقولات ، والملاحظ في الآية أن الملائكة لا الملك عزرائيل فقط هم الذين يتوفون الأنفس ، وفي القول رقيقة وهي كون المعقول هو الاسم ، والاسم إطار الرسم أي الهيكل ، فالتوفي بهذا المعنى يعني الإستيفاء وهو دائم ، فهو كمن له دين على إنسان فهو يطالبه به ، ويحصله منه ، فكل معقول يستوفي حقه من المدين منذ ساعة نفخ الروح في الجنين ، إذ كل معقول جنين ، وعلى هذا فالتوفي استيفاء زمني إلى أن يحين أجل الهيكل البدني ، فيسترد المعقول عاريته من الهيكل ، فيكون التوفي البدني ولهذا يقال للميت متوفى بالألف المقصورة ، ويقال للروح أو الحق متوفي بالياء ، أي يكون الفاعل واسم الفاعل.
٢٩ ـ (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩))
[النحل : ٢٩]
أبواب جهنم أسماء البلاء ، والخلود خلود هذه الأسماء وصفاتها ، أما تعيناتها فهي تتابع التعينات كما قال سبحانه في موضع آخر : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) [النساء : ٦٥].
وفي قوله : (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ،) لطيفة ، وهي كون الكافرين متكبرين حكما بسبب انحجابهم عن الله ، وما لم يرفع الحجاب بين الإنسان والله فإن الإنسان يبقى متكبرا بمعنى ، اعتداده بقواه وإيمانه بأنيته وحريته.
٣٠ ـ (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠))
[النحل : ٣٠]
الخير المذكور خير المعقولات الجميلة ، وسبب تسميتها خيرا ناجم عن كون هذه المعقولات تتنزل فضلا وهبة ، فهي بحكم كونه تعالى متصفا بصفات الكمال ومنها الخير ، ولهذا تقول العوام عادة جاء الخير ، وهذا العام عام خير ، إشارة إلى العطاء الإلهي.
وحسنة الدنيا الاستفادة من عطاءات المعقولات الجميلة ، وصاحب هذه المعقولات محبوب محترم مهاب مجاب كما قال صلىاللهعليهوسلم : (جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وعلى بغض من أساء إليها) ، أما الخير الأخروي فهو خير من الخير الدنيوي لا تصاف المعقولات الجميلة بالخلود ... وهنا يلتقي الخير الأخروي الشر الأخروي ، فكما أن الأشرار تبدل