جلودهم كلما نضجت جلودا جديدة فهم في جهنم أسماء البلاء خالدون ، كذلك تبدل جلود الأخيار كلما نضجت جلودا جديدة فهم في جنة أسماء النعيم منعمون.
٣١ ، ٣٢ ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ (٣١) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢))
[النحل : ٣١ ، ٣٢]
قوله : (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ ،) فيه إشارة إلى ما يتمتع به أهل الجنات وذلك بعد رفع الحجب ومنها حجب الأسماء ، ففي الدار الدنيا فإن على الأخيار أن يكونوا حذرين ، وأن يجاهدوا أنفسهم وأهواءهم ، وأن يبيعوا الله أنفسهم وأموالهم ، وأن يتحصنوا بالشريعة ، ويكونوا مع أسماء الجمال ضد أسماء الجلال ، فهم في الدنيا مجاهدون محاربون ، أما في الدار الآخرة فهم في سلام يحبرون.
٣٣ ، ٣٤ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٤))
[النحل : ٣٣ ، ٣٤]
مجيء الملائكة وأمر الرب بروز حقيقة التناقض عند الكشف فإذا الإنسان مأخوذ من مأمنه ، ومأمنه أنيته ، وإذا هو مسروق ، وما سرق منه خواطره وفكره ، وإذا النتيجة خراب الدار العامرة بسكانها وعدم بقاء إلا الواحد القهار ، دق أحدهم باب البسطامي فقال : من تريد؟ قال : أبا يزيد ، قال أبو يزيد : مر ، فليس في البيت إلا الله.
٣٥ ـ (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٣٥))
[النحل : ٣٥]
في الآية ذكر المشيئة الإلهية والمشيئة الإنسانية ، وسبب نزولها أن المشركين هم الذين قالوا : لو شاء الله ما أشركوا ، والقول هو في حد ذاته استهزاء بالله وبمشيئته ، إذ لو كان المشركون متيقنين متحققين من كون الله هو الغالب على أمره والقاهر فوق عباده لما أشركوا أو لا نتهوا عن الشرك ، إذ كيف يشرك المشرك إذا علم علم اليقين أن ليس في الوجود إلا الله وأنه هو الفاعل القاهر؟
وطرح المشركين هذه القضية هو من باب التعنت والمماراة والجدل لا من باب التفقه والتيقن ... فهم يحاولون أن يجادلوا المؤمنين مستخدمين سلاح المؤمنين نفسه ، والسلاح في