١٠٤ ، ١٠٥ ـ (وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥))
[الإسراء : ١٠٤ ، ١٠٥]
قلنا : إن بني إسرائيل يمثلون أهل الظاهر ، ولهذا ورد في الآية أن الله من بعد إغراق فرعون قال لبني إسرائيل : (اسْكُنُوا الْأَرْضَ ...) وقلنا : أن لا فكاك لأصحاب النفوس المادية من عالم العناصر فالنتيجة أن أهل الظاهر وعبدة المظاهر هم من التراب وإلى التراب إلا من رحم الله ، فنجاه من هذه الأرض ورفعه إلى عالم الروح والنور الشريف ، فكان ممثل الإنسان الكامل الخالد.
١٠٦ ـ (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦))
[الإسراء : ١٠٦]
القرآن الجمعية العلمية قبل النشر العياني والتفصيل البياني ، فإذا بدأ التفصيل صار القرآن فرقانا ، وقراءة القرآن على مكث تعني حدوث التفصيل نفسه ، إذ من المعلوم أن للآيات أسباب نزول ، وأن ما نزل في زيد غير ما نزل في عبيد ، وما نزل في مناسبة هو غيرها ، وعلى هذا فالقرآن عند التفصيل والنشر هو مجموع الأحداث الوجودية الواقعة مع ذكر الأسباب والنتائج والقطع برأي أو قول ، ولهذا اختلفوا في القرآن هل هو قديم أم هو مخلوق ، والحق أن القرآن كأصل قديم لأنه كلام الله القديم ، أما عند التفصيل فهو تنزيل في التفصيل ، ولهذا جاء في القرآن المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ.
١٠٧ ، ١٠٩ ـ (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (١٠٩))
[الإسراء : ١٠٧ ، ١٠٩]
قال صلىاللهعليهوسلم : (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام) ، فالأخيار هم من قبل الإسلام وبعده ، والأمر ذو علاقة بالأخلاق ، فمن لا خلق له لا إيمان له ، ومن كان ذا خلق فهو المؤمن ، ولهذا كان المؤمنون الصادقون من أهل الكتاب إذا استمعوا القرآن انفعلوا ، وتأثروا ، ووقع كلام الله في قلوبهم ، ففاضت أعينهم من الدمع ، وعلموا أنه الحق من عند الله ... ذلك أن القرآن حديث الروح ، والروح واحد كلي ، فهو الباطن من كل إنسان ، فإذا كانت البصيرة مجلوة تقبلت حديث الروح حتى وإن كان صاحبهما عابد وثن أو نار.
١١٠ ـ (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١١٠))
[الإسراء : ١١٠]
الوجود كله صور ، والصور ظاهرة الأسماء ، ولما كان الوجود لله كانت الأسماء بالتالي