تتابع الآية توضيح ما يفعل الله بالعبد بأسلوب عرض الصور التي هي كلمات ... إذ جاء في الآية قوله : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ ،) فما ازداد النبي على الناس إلا في الوحي الذي هو أعلى درجات الإلهام ، والذي هو صوت اليقين نفسه ، وبه وعنه يفهم الإنسان المغيبات ، ويعرف ربه ، فيصير نبيا أو وليا عارفا ووارثا.
والمدخل إلى النبوة والوراثة العلمية هو الأخلاق ، كما قال كانط : أن لا سبيل إلى معرفة الله إلا عن طريق معرفة القانون الأخلاقي ، ولهذا جاء في الآية : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) فمن لا يعمل عملا صالحا فلا لقاء بربه ، ولن يعرفه ، وسيظل بالتالي مشركا كما قال أرسلان الدمشقي : كلك شرك خفي ... أما إذا عمل صالحا ، والأمر رهين بالعناية السابقة وطبيعة الاستعداد والتوفيق الإلهي والتسديد والتيسير فالنتيجة التوحيد والنجاة من شباك الشرك ، إذ من لا يتعلم اليقين ويعرفه ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (تعلموا اليقين فإني أتعلمه) ، فهو مشرك وكله شرك خفي وهو لا يعلم.