الفاعل شطرها المنفعل ، وهو ما يدخل في باب الخواطر ، عندها ينادي الاسم البعيد فيجيبه الاسم القريب ، وهذا حال الفكر في تقلبه بين شتى الفكر.
٢٨٣ ، ٢٨٤ ـ (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨٣) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤))
[البقرة : ٢٨٣ ، ٢٨٤]
السفر رحلة النفس في هذه الدنيا ، والرهان المقبوضة ما استودع الله النفس من علوم ، وأداء هذه العلوم بمثابة أداء الأمانة ، وكتمان الشهادة رد المعقولات إلى الإنسان نفسه لا إلى رب المعقولات وهو إثم ، إذ من يكون الإنسان من غير الله خالقه ومصوره ومعلمه ، أي مصور المعقولات فيه ومعلمه حقائقها ... وما الذي ميز الإنسان عن الحيوان وكلاهما مخلوق؟
٢٨٥ ـ (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥))
[البقرة : ٢٨٥]
أقر الرسول ما كشف الله له من الأمور الغيبية ، فعرف حقيقة الأمر ، والمؤمنون أصحاب القلوب المكاشفة الذين رأوا الله ظاهرا في الخلق وباطنا في العقل ، فقالوا سمعنا ما أوحيت إلينا عن طريق الملائكة المعقولات ، وأطعنا هذا الوحي الذاتي الذي هو اللطيفة الإلهية الشريفة المودعة في النفس.
٢٨٦ ـ (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٨٦))
[البقرة : ٢٨٦]
تكليف النفس إعطاؤها حظها من الأسماء ، والصفات ، فلكل نفس ميزانها ، أي قدرها ، أي عينها وصفتها ، ولا تبديل لكلمات الله ، وكسب النفس حاصل من إلهامها الفجور والتقوى ، ولهذا كان لها الكسب وعليها ما تكسب ، والدعاء إلى عدم تحميل النفس ، ما لا طاقة لها به عدم مطالبتها بما هي ليست مخلوقة له أصلا ، كأن يطالب مظهر الاسم الخافض بأن يتصف بالاسم الرافع ، وأن يطالب مظهر الاسم الضار بأن يكون ممثل الاسم النافع.