إحساس الكفر توجه القلب إلى جهة النفس الدنيوية حيث الدنيا وزينتها ، والحواريون كلمات الله التامات التي تؤيد القلب في توجهه إلى النور.
٥٣ ـ (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣))
[آل عمران : ٥٣]
الشهداء هم الذين رأوا الله ظاهرا بكل شيء ، والشهادة الحقة أن تشهدوا أن لا إله إلا الله ، ونزيد على ذلك أن لا تشهد إلا الله من غير ذكر الآلهة ، لأن المشاهد الحقيقي يشاهد الله في الآلهة ، فالآلهة صور أسماء ، والأسماء لله.
٥٤ ـ (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤))
[آل عمران : ٥٤]
المكر مكر الحواس في توجهها مع القلب والنفس إلى جهة الطبيعة الظلمانية ومكر الله حاصل من حيث حصول مكر الحواس والنفس ، إذ لله الأمر من قبل ومن بعد سواء توجه القلب إلى جهة الظلمة ، أو إلى جهة النور ، إذ كل له داخرون.
وقوله : (خَيْرُ الْماكِرِينَ) يعني أن المكر كله هدفه إظهار الدين كله ، وهذا معنى التوحيد السماوي الذي قضى على ثنوية الفرس وقولهم بوجود إلهين ، إله الظلمة وإله النور ، فليس في الوجود إلا الله ، والظلمة الوجه الكثيف لنوره اللطيف ، ووجودها ضروري لإظهار النور.
٥٥ ، ٥٨ ـ (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٥٦) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٧) ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨))
[آل عمران : ٥٥ ، ٥٨]
قضية توفي عيسى عليهالسلام ورفعه إلى الله من القضايا الكبيرة الفاصلة بين المسيحية والإسلام ، والحقيقة أن عيسى ممثل روح الله ، أو تعينه ، ولهذا تم خلقه بأن نفخ الله في رحم أمه من روحه ، فخلق عيسى من الروح ، إظهارا للروح ، وظهوره في صورة هو ما اختلف فيه ، ففي كتاب الله جاء أن الله قال لعيسى : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ،) والوفاة استيقاء الحق حقه من الخلق ، فعيسى باعتباره روح الله ، لا يجوز أن يموت لأن الروح خالد سواء تعين في صورة أم لم يتعين ، فعيسى توفي أولا ، ثم رفعه الله إليه ، وللأمر لطيفة فالعامة تقول عن خروج الروح الحيواني من الجسم وفاة ، وهذا صحيح باعتبار خروج الروح من شيء ، ولكن حال عيسى بالذات مختلف فروح عيسى ليس الروح الحيواني المدبر للجسد ، وإن تعين في جسد ، وإلى هذه الحقيقة اللطيفة أشار النبي صلىاللهعليهوسلم قائلا : (أنا حي في قبري) ، وقال الجنيد : العارفون لا