المؤمن نفسه ، وإلا فكيف يكون المؤمن مؤمنا لو لم يكن ثمة كافر ، ولو لم تكن ثمة مجاهدة وصبر واحتمال الأذى في سبيل الله.
١٢٢ ـ (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢))
[آل عمران : ١٢٢]
الطائفتان المؤمنتان إشارة إلى الخاطرين الإلهي والملكي ومحاولتهما الرامية إلى السيطرة على القلب في حربه للخاطرين النفسي والشيطاني باطنا ، وحربه الكفار والمنافقين ظاهرا ، والتوكل استناد القلب في حربة إلى الله الذي هو ولي الخواطر كما قال الإمام علي رضي الله عنه : (جبار الخواطر شقيها وسعيدها).
١٢٣ ـ (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣))
[آل عمران : ١٢٣]
النصر نصر القلب في معركته ضد الخواطر ، وأول بشائر هذا النصر ظهور النور القلبي الذي يثبت القلب في المعركة ، ويشد أزره بعد أن يطلعه على السر.
١٢٤ ـ (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤))
[آل عمران : ١٢٤]
الإمداد بالملائكة الإمداد بالمعقولات النازلة من سماء الروح إلى أفق القلب ، والمعقولات ألوف ، أو كما قال ابن عربي : إن أسماء الله لا تحصى ، وإن كان النبي حدها بتسعة وتسعين اسما ، فكل ما في عالم الظواهر هو ظهور للمعقولات نفسها ، والمعقولات التي يمد بها القلب المعقولات الجميلة والخيرة ، وتبرز في أفق القلب خواطر تؤيده وتثبته وتهديه سواء السبيل.
١٢٥ ـ (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥))
[آل عمران : ١٢٥]
الأعداد المذكورة مضاعفات الواحد الذي هو أصل الأعداد ، ولهذا مد الله المؤمنين بثلاثة آلاف من الملائكة ، ثم زاد هذا العدد إلى خمسة آلاف ، وقوله : (مُسَوِّمِينَ) بكسر الواو وفتحها أي معلمون ، وجاء في وصف هؤلاء الملائكة أنهم قاتلوا على خيل بلق وعلى رؤوسهم عمائم صفر أو بيض ... وللوصف لطيفة ، ذلك لأننا ذكرنا أن الملائكة معقولات ، والمعقول بحاجة إلى محمول رمز إليه بالخيل ، وهي هنا الروح الحيواني الحامل للمعقولات نفسها ، فالعين مثلا لا تستطيع أن ترى اللون الأبيض مجردا من محمول ، ولو أنها لم تره على