الحليم. والغول يداني البعد ، والبعد يداني الإهلاك. فالغول والغول يقعان على معنيين متقاربين ؛ أحدهما البعد والآخر الإهلاك ، وتحقيقه أنّ الغول مصدر والغول اسم كالغسل والغسل. وفي حديث عمار : «أنه أوجز الصلاة فقال : كنت أغاول حاجة لي» (١) قال أبو عبيد : المغاولة : المبادرة في السير. وأصله من الغول ، وهو البعد. ومنه قولهم في الدعاء : «هوّن الله عليك غول هذا الطريق» أي بعده. والبعد عندهم يعبّر عن الهلاك ؛ قال الشاعر : [من الطويل]
يقولون : لا تبعد وهم يدفنونه |
|
فلا بعد إلا ما تواري الصفائح |
وقد تقدّم ذلك في مكانه والله أعلم.
غ وي :
قوله تعالى : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ)(٢) هو جمع غاو ، وهو الضالّ المنهمك في ضلاله لا يردّه شيء. يقال : غوى يغوي غيّا والأصل غويا فأدغم ، كطيّا مصدر طوى. وقد يعبّر بغوي عن جهل لأنه سببه ، وعليه قوله تعالى : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى)(٣). وقد ذكر المفسرون في قوله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)(٤) إذ معناه جهل ، وقيل : خاب ، وقيل : فسد عيشه. وقال آخرون : بشم ، من قولهم : عصى الفصيل : إذا بشم. وقد قيل : إنه يقال : غوى الفصيل وغوي ، بالفتح والكسر. وقد قرىء : «غوي» بالكسر نحو هوى قيل : إنه يقال : غوى الفصيل وغوي ، بالفتح والكسر. وقد قرىء : «غوي» بالكسر نحو هوى وهوي. قوله : (فَأَغْوَيْناكُمْ)(٥) أي حملناكم على الغيّ (إِنَّا كُنَّا) في أنفسنا (غاوِينَ).
قوله : (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا)(٦) إعلام منهم بأنّا قد فعلنا بهم غاية ما كان في وسع الإنسان أن يفعل بصديقه ما يريد لنفسه ،
__________________
(١) النهاية : ٣ / ٣٩٧.
(٢) ٢٢٤ / الشعراء : ٢٦.
(٣) ٢ / النجم : ٥٣.
(٤) ١٢١ / طه : ٢٠.
(٥) ٣٢ / الصافات : ٣٧ ، مع ما بعدها.
(٦) ٦٣ / القصص : ٢٨.