(رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ) (١٠)
المبتدأ وهو الذين (بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي مع حمده ، أو (١) الباء تدل على أنّ تسبيحهم بالحمد له (٢) (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) وفائدته مع علمنا بأنّ حملة العرش ومن حوله من الملائكة الذين يسبّحون بحمده مؤمنون إظهار شرف الإيمان وفضله والترغيب فيه كما وصف الأنبياء في غير موضع بالصلاح لذلك ، وكما عقب أعمال الخير بقوله : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) (٣) فأبان بذلك فضل الإيمان ، وقد روعي التناسب في قوله : ويؤمنون به (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) كأنه قيل ويؤمنون به ويستغفرون لمن في مثل حالهم ، وفيه دليل على أنّ الاشتراك في الإيمان يجب أن يكون أدعى شيء إلى النصيحة والشفقة ، وإن تباعدت الأجناس والأماكن (رَبَّنا) أي يقولون ربّنا وهذا المحذوف حال (وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) فالرحمة والعلم هما اللذان وسعا كلّ شيء في المعنى ، إذ الأصل وسع كلّ شيء رحمتك وعلمك ، ولكن أزيل الكلام عن أصله بأن أسند الفعل إلى صاحب الرحمة والعلم ، وأخرجا منصوبين على التمييز مبالغة في وصفه بالرحمة والعلم (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا) أي للذين علمت منهم التوبة لتناسب ذكر الرحمة والعلم (وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) أي طريق الهدى الذي دعوت إليه (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ).
٨ ـ (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) من في موضع نصب عطف على هم في وأدخلهم أو في وعدتّهم ، والمعنى وعدتّهم ووعدتّ من صلح من آبائهم (وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي الملك الذي لا يغلب ، وأنت مع ملكك وعزّتك لا تفعل شيئا خاليا عن الحكمة ، وموجب حكمتك أن تفي بوعدك.
٩ ـ (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) أي جزاء السيئات وهو عذاب النار (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ) أي دفع (٤) العذاب (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
١٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ) أي يوم القيامة إذا دخلوا النار ومقتوا
__________________
(١) في (ز) إذ.
(٢) في (ظ) و (ز) بالحمدلة.
(٣) البلد ، ٩٠ / ١٧.
(٤) في (ظ) و (ز) رفع.