(تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (٦) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (٧)
٥ ـ (تَكادُ السَّماواتُ) وبالياء نافع وعليّ (يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَ) يتشقّقن ، ينفطرن بصري وأبو بكر ، ومعناه يكدن ينفطرن من علوّ شأن الله وعظمته ، يدل عليه مجيئه بعد قوله العلي العظيم ، وقيل من دعائهم له ولدا كقوله : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) (١) ومعنى من فوقهنّ أي يبتدىء الانفطار من جهتهنّ الفوقانية ، وكان القياس أن يقال ينفطرن من تحتهنّ من الجهة التي جاءت منها كلمة الكفر لأنها جاءت من الذين تحت السماوات ، ولكنه بولغ في ذلك فجعلت مؤثرة في جهة الفوق ، كأنه قيل يكدن ينفطرن من الجهة التي فوقهنّ دع الجهة التي تحتهنّ ، وقيل من فوقهنّ من فوق الأرضين (٢) ، فالكناية راجعة إلى الأرض لأنه بمعنى الأرضين ، وقيل يتشققن لكثرة ما على السماوات من الملائكة ، قال عليهالسلام : (أطت السماء أطا وحقّ لها أن تئطّ ما فيها موضع قدم إلّا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد) (٣) (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) خضوعا لما يرون من عظمته (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) أي للمؤمنين منهم كقوله : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) (٤) خوفا عليهم من سطواته ، أو يوحّدون الله وينزّهونه عما لا يجوز عليه من الصفات ، حامدين له على ما أولاهم من ألطافه ، متعجبين مما رأوا من تعرضهم لسخط الله تعالى ، ويستغفرون لمؤمني أهل الأرض الذي تبرؤوا من تلك الكلمة ، أو يطلبون إلى ربّهم أن يحلم عن أهل الأرض ولا يعاجلهم بالعقاب (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) لهم.
٦ ـ (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي جعلوا له شركاء وأندادا (اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) رقيب على أحوالهم (٥) وأعمالهم لا يفوته منها شيء ، فيجازيهم عليها (وَما أَنْتَ) يا محمد (عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) بموكل عليهم ولا مفوّض إليك أمرهم إنما أنت منذر فحسب.
٧ ـ (وَكَذلِكَ) ومثل ذلك (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) وذلك إشارة إلى معنى الآية التي
__________________
(١) مريم ، ١٩ / ٩٠.
(٢) في (ز) الأرض.
(٣) كنز العمال ، ١٠ / ٢٩٨٣٠ ، ٢٩٨٦٥.
(٤) غافر ، ٤٠ / ٧.
(٥) في (ز) أقوالهم.