(وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٨) أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (١٠)
قبلها من أنّ الله رقيب عليهم لا أنت بل أنت منذر ، لأن هذا المعنى كرّره الله في كتابه فالكاف (١) مفعول به لأوحينا (قُرْآناً عَرَبِيًّا) حال من المفعول به ، أي أوحيناه إليك وهو قرآن عربيّ بيّن (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) أي مكة ، لأنّ الأرض دحيت من تحتها ، ولأنها أشرف البقاع ، والمراد أهل أمّ القرى (وَمَنْ حَوْلَها) من العرب (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) يوم القيامة ، لأن الخلائق تجمع (٢) فيه (لا رَيْبَ فِيهِ) اعتراض لا محلّ له ، يقال : أنذرته كذا وأنذرته بكذا ، وقد عدّي لتنذر أمّ القرى إلى المفعول الأول ، وتنذر يوم الجمع إلى المفعول الثاني (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) أي منهم فريق في الجنة ومنهم فريق في السعير ، والضمير للمجموعين ، لأن المعنى يوم جمع الخلائق.
٨ ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) أي مؤمنين كلّهم (وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) أي يكرم من يشاء بالإسلام (وَالظَّالِمُونَ) والكافرون (ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍ) شافع (وَلا نَصِيرٍ) دافع.
٩ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ) الفاء لجواب شرط مقدر ، كأنه قيل بعد إنكار كلّ ولي سواه إن أرادوا وليا (٣) بحقّ فالله هو الوليّ بالحقّ ، وهو الذي يجب أن يتولى وحده لا وليّ سواه (وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو الحقيق بأن يتّخذ وليّا دون من لا يقدر على شيء.
١٠ ـ (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) حكاية قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمؤمنين ، أي ما خالفكم (٤) فيه الكفار من أهل الكتاب والمشركين فاختلفتم أنتم وهم فيه من أمر من أمور الدّين (فَحُكْمُهُ) أي حكم ذلك المختلف فيه مفوض (إِلَى اللهِ) وهو إثابة المحقّين فيه من المؤمنين ومعاقبة المبطلين (ذلِكُمُ) الحاكم بينكم (اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فيه ردّ كيد أعداء الدين (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أرجع في كفاية شرّهم ، وقيل وما وقع بينكم الخلاف فيه من العلوم التي لا تتصل بتكليفكم ولا طريق لكم إلى علمه
__________________
(١) في (ز) أو هو.
(٢) في (ز) تجتمع.
(٣) في (ظ) و (ز) أولياء.
(٤) في (ظ) و (ز) خالفتكم.