تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦) وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (٨)
(يَعْقِلُونَ) بالنصب عليّ وحمزة ، وغيرهما بالرفع ، وهذا من العطف على عاملين سواء نصبت أو رفعت ، فالعاملان إذا نصبت إنّ وفي أقيمت الواو مقامهما فعملت الجر في واختلاف الليل والنهار والنصب في آيات. وإذا رفعت فالعاملان الابتداء وحرف في (١) في عملت الواو الرفع في آيات والجرّ في واختلاف وهذا مذهب الأخفش ، لأنه يجوز العطف على عاملين ، وأما سيبويه فإنه لا يجيزه ، وتخريج الآية عنده أن يكون على إضمار في ، والذي حسّنه تقدّم (٢) ذكر في في الآيتين قبل هذه الآية ، ويؤيده قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وفي اختلاف الليل والنهار ، ويجوز أن ينتصب آيات على الاختصاص بعد انقضاء المجرور معطوفا على ما قبله ، أو على التكرير توكيدا لآيات الأولى كأنه قيل آيات آيات ، ورفعها بإضمار هي والمعنى في تقديم الإيمان على الإيقان وتوسيطه وتأخير الآخر ، أن المنصفين من العباد إذا نظروا في السماوات والأرض نظرا صحيحا علموا أنها مصنوعة وأنه لا بدّ لها من صانع فآمنوا بالله ، فإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقّلها من حال إلى حال وفي خلق ما ظهر على الأرض من صنوف الحيوان ازدادوا إيمانا وأيقنوا ، فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدد في كلّ وقت كاختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار ، وحياة الأرض بها بعد موتها ، وتصريف الرياح جنوبا وشمالا وقبولا ودبورا عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم.
٦ ـ (تِلْكَ) إشارة إلى الآيات المتقدمة ، أي تلك الآيات (آياتُ اللهِ) وقوله (نَتْلُوها) في محلّ الحال أي متلوة (عَلَيْكَ بِالْحَقِ) والعامل ما دلّ عليه تلك من معنى الإشارة (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ) أي بعد آيات الله ، كقولهم أعجبني زيد وكرمه يريدون أعجبني كرم زيد (يُؤْمِنُونَ) حجازي وأبو عمرو وسهل وحفص ، وبالتاء غيرهم على تقدير قل يا محمد.
٧ ـ (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ) كذاب (أَثِيمٍ) مبالغ (٣) في اقتراف الآثام.
٨ ـ (يَسْمَعُ آياتِ اللهِ) في موضع جر صفة (تُتْلى عَلَيْهِ) حال من آيات الله (ثُمَّ يُصِرُّ) يقبل على كفره ويقيم عليه (مُسْتَكْبِراً) عن الإيمان بالآيات والإذعان لما تنطق
__________________
(١) ليس في (ز) حرف.
(٢) في (ظ) و (ز) تقديم.
(٣) في (ز) متبالغ.