(وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (٩) مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ) (١١)
به من الحقّ مزدريا لها معجبا بما عنده ، قيل نزلت في النضر بن الحارث وما كان يشتري من أحاديث العجم ويشغل بها الناس عن استماع القرآن ، والآية عامة في كلّ من كان مضارا لدين الله ، وجيء بثمّ لأنّ الإصرار على الضلالة والاستكبار عن الإيمان عند سماع آيات القرآن مستبعد في العقول (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها) كأن مخففة والأصل كأنه لم يسمعها ، والضمير ضمير الشأن ، ومحلّ الجملة النصب على الحال ، أي يصرّ مثل غير السامع (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) فأخبره خبرا يظهر أثره على البشرة.
٩ ـ (وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً) وإذا بلغه شيء من آياتنا وعلم أنه منها (اتَّخَذَها) اتخذ الآيات (هُزُواً) ولم يقل اتخذه للإشعار بأنه إذا أحسّ بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات خاض في الاستهزاء بجميع الآيات ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه ، ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء ، لأنه في معنى الآية ، كقول أبي العتاهية (١).
نفسي بشيء من الدنيا معلقة |
|
الله والقائم المهدي يكفيها |
حيث أراد عتبه (٢) (أُولئِكَ) إشارة إلى كلّ أفّاك أثيم لشموله الأفّاكين (لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) مخز.
١٠ ـ (مِنْ وَرائِهِمْ) من قدّامهم فالوراء (٣) اسم للجهة التي يوازيها (٤) الشخص من خلف ، أو قدام (جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا) من الأموال (شَيْئاً) من عذاب الله (وَلا مَا اتَّخَذُوا) ما فيهما مصدرية أو موصلة (مِنْ دُونِ اللهِ) من الأوثان (أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) في جهنم.
١١ ـ (هذا هُدىً) إشارة إلى القرآن ، ويدلّ عليه (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) لأنّ آيات ربّهم هي القرآن ، أي هذا القرآن كامل في الهداية ، كما تقول زيد رجل أي
__________________
(١) أبو العتاهية : إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني العنزي بالولاء أبو إسحاق الشهير بأبي العتاهية شاعر مكثر ولد عام ١٣٠ ه وتوفي عام ٢١١ ه (الأعلام ١ / ٣٢١).
(٢) في (ز) عتبة.
(٣) في (ظ) و (ز) الوراء.
(٤) في (ز) يواريها.