(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (٦) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) (٧)
بكتاب واحد منزل من قبله شاهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إنّ الله أمركم بعبادة الأوثان.
٥ ـ (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ) أي أبدا.
٦ ـ (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً) أي الأصنام لعبدتها (وَكانُوا) أي الأصنام (بِعِبادَتِهِمْ) بعبادة عبدتهم (كافِرِينَ) يقولون ما دعوناهم إلى عبادتنا ، ومعنى الاستفهام في من أضلّ إنكار أن يكون في الضّلّال كلّهم أبلغ ضلالا من عبدة الأوثان حيث يتركون دعاء السميع المجيب القادر على كلّ شيء ويدعون من دونه جمادا لا يستجيب لهم ولا قدرة له على استجابة أحد منهم ما دامت الدنيا وإلى أن تقوم القيامة ، وإذا قامت القيامة وحشر الناس كانوا لهم أعداء ، وكانوا عليهم ضدّا ، فليسوا في الدارين إلا على نكد ومضرّة ، لا تتولاهم في الدنيا بالاستجابة وفي الآخرة تعاديهم وتجحد عبادتهم ، ولما أسند إليهم ما يسند إلى أولي العلم من الاستجابة والغفلة قيل من وهم ، ووصفهم بترك الاستجابة والغفلة ، طريقه طريق التهكم بها وبعبدتها ، ونحوه قوله تعالى : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) (١).
٧ ـ (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) جمع بينة وهي الحجّة والشاهد ، أو واضحات مبينات (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِ) المراد بالحق الآيات وبالذين كفروا المتلوّ عليهم فوضع الظاهران موضع الضميرين للتسجيل عليهم بالكفر وللمتلوّ بالحق (لَمَّا جاءَهُمْ) أي بادهوه (٢) بالجحود ساعة أتاهم وأول ما سمعوه من غير إجالة فكر ولا إعادة نظر (هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) ظاهر أمره في البطلان لا شبهة فيه.
__________________
(١) فاطر ، ٣٥ / ١٤.
(٢) بادهوه : فاجأوه.