(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨) قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠))
٨ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) إضراب عن ذكر تسميتهم الآيات سحرا إلى ذكر قولهم : إنّ محمدا (١) افتراه أي اختلقه وأضافه إلى الله كذبا ، والضمير للحق والمراد به الآيات (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً) أي إن افتريته على سبيل الفرض عاجلني الله بعقوبة الافتراء عليه فلا تقدرون على كفّه عن معاجلتي ولا تطيقون دفع شيء من عقابه فكيف أفتريه وأتعرض لعقابه؟ (هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ) أي تندفعون فيه من القدح في وحي الله والطعن في آياته وتسميته سحرا تارة وفرية أخرى (كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) يشهد لي بالصدق والبلاغ ، ويشهد عليكم بالجحود والإنكار ، ومعنى ذكر العلم والشهادة وعيد بجزاء إفاضتهم (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) موعدة بالغفران والرحمة إن تابوا عن الكفر وآمنوا.
٩ ـ (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) أي بديعا كالخفّ بمعنى الخفيف ، والمعنى إني لست بأول مرسل فتنكروا نبوّتي (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) أي ما يفعل الله بي وبكم فيما يستقبل من الزمان. وعن الكلبي (٢) : قال له أصحابه وقد ضجروا من أذى المشركين : حتى متى نكون على هذا؟ فقال : (ما أدري ما يفعل بي ولا بكم أأترك بمكة أم أؤمر بالخروج إلى أرض قد رفعت لي ورأيتها ـ يعني في منامه ـ ذات نخيل وشجر). وما في ما يفعل يجوز أن يكون موصولة منصوبة وأن تكون استفهامية مرفوعة ، وإنما دخل لا في قوله ولا بكم مع أنّ يفعل مثبت غير منفي لتناول النفي فيما أدري ما وما في حيزه (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ).
١٠ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ) القرآن (مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي
__________________
(١) في (ز) زاد : عليهالسلام. مع أن القول قول المشركين وهو من زيادة الناسخ للتبرك ولا محل لها هنا ، وهذا كثير في المخطوط والمطبوع.
(٢) قال الإمام الحوت : قال أحمد في «تفسير الكلبي» : من أوله إلى آخره كذب ، قيل له : أفيحل النظر فيه؟ قال : لا. (أسنى المطالب ص ٣٦٨).