وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ) (١١)
(إِسْرائِيلَ) هو عبد الله بن سلام عند الجمهور ، ولهذا قيل إنّ هذه الآية مدنية لأنّ إسلام ابن سلام بالمدينة. روي أنه لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة نظر إلى وجهه فعلم أنه ليس بوجه كذّاب ، قال له : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلّا نبي : ما أول أشراط الساعة ، وما أول طعام يأكله أهل الجنة ، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب ، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل نزعه وإن سبق ماء المرأة نزعته) فقال : أشهد أنك رسول الله حقا (١) (عَلى مِثْلِهِ) الضمير للقرآن ، أي مثله في المعنى ، وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعاني القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك ، ويجوز أن يكون المعنى إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد على نحو ذلك ، يعني كونه من عند الله (فَآمَنَ) الشاهد (وَاسْتَكْبَرْتُمْ) عن الإيمان به ، وجواب الشرط محذوف تقديره إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين ، ويدلّ على هذا المحذوف (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) والواو الأولى عاطفة لكفرتم على فعل الشرط ، وكذلك الواو الآخرة (٢) عاطفة لاستكبرتم على شهد شاهد ، وأما الواو في وشهد فقد عطفت جملة قوله شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم على جملة قوله كان من عند الله وكفرتم به ، والمعنى قل أخبروني إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به واجتمع شهادة أعلم بني إسرائيل على نزول مثله فإيمانه به مع استكباركم عنه وعن الإيمان به ألستم أضلّ الناس وأظلمهم؟
١١ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا) أي لأجلهم ، وهو كلام كفار مكّة قالوا : (٣) عامة من يتّبع محمدا السّقّاط ، يعنون الفقراء مثل عمار وصهيب وابن مسعود (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) العامل في إذ محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم ، وقوله (فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) مسبب عنه ، وقولهم إفك قديم أي كذب
__________________
(١) أخرجه البخاري من رواية حميد عن أنس وأتم منه.
(٢) في (ظ) و (ز) الأخيرة.
(٣) زاد في (ظ) و (ز) إن.