(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) (٣٥)
كقوله : (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) (١) ويقال عييت بالأمر إذا لم تعرف وجهه (بِقادِرٍ) محلّه الرفع لأنه خبر أنّ يدلّ عليه قراءة عبد الله قادر ، وإنما دخلت الباء لاشتمال النفي في أول الآية ، على أنّ وما في حيزها ، وقال الزّجّاج : لو قلت ما ظننت أنّ زيدا بقائم جاز ، كأنه قيل أليس الله بقادر ألّا ترى إلى وقوع بلى مقرّرة للقدرة على كلّ شيء من البعث وغيره لا لرؤيتهم (عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى) هو جواب للنفي (إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
٣٤ ـ (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) فيقال (٢) لهم (أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِ) وناصب الظرف القول المضمر ، وهذا إشارة إلى العذاب (قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) بكفركم في الدنيا.
٣٥ ـ (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ) أولو الجدّ والثبات والصبر (مِنَ الرُّسُلِ) من للتبعيض ، والمراد بأولي العزم ما ذكر في الأحزاب : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) (٣) ويونس ليس منهم لقوله : (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) (٤) وكذا آدم لقوله : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٥) أو للبيان فيكون أولو العزم صفة الرسل كلّهم (وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) لكفار قريش بالعذاب أي لا تدع لهم بتعجيله فإنه نازل بهم لا محالة وإن تأخر (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) أي أنهم يستقصرون حينئذ مدة لبثهم في الدنيا حتى يحسبوها ساعة من نهار (بَلاغٌ) هذا بلاغ ، أي هذا الذي وعظتم به كفاية في الموعظة ، أو هذا تبليغ من الرسول (فَهَلْ يُهْلَكُ) هلاك عذاب ، والمعنى فلن (٦) يهلك بعذاب الله (إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) أي المشركون الخارجون عن الاتعاظ به والعمل بموجبه. قال عليهالسلام : (من قرأ سورة الأحقاف كتب الله له عشر حسنات بعدد كلّ رملة في الدنيا) (٧).
__________________
(١) ق ، ٥٠ / ٣٨.
(٢) في (ظ) و (ز) يقال.
(٣) الأحزاب ، ٣٣ / ٧.
(٤) القلم ، ٦٨ / ٤٨.
(٥) طه ، ٢٠ / ١١٥.
(٦) في (أ) فلم.
(٧) الثعلبي وابن مردويه والواحدي بأسانيدهم إلى أبيّ بن كعب رضي الله عنه.