(قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (٣٠) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (٣٢) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٣٣)
(إني أمرت أن أقرأ على الجنّ الليلة فمن يتبعني) قالها ثلاثا ، فأطرقوا إلا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : لم يحضره ليلة الجنّ أحد غيري ، فانطلقنا حتى إذا كنّا بأعلى مكة في شعب الحجون ، فخطّ لي خطا وقال : (لا تخرج منه حتى أعود إليك) ثم افتتح القرآن ، وسمعت لغطا شديدا ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (هل رأيت شيئا)؟ قلت : نعم. رجالا سودا ، فقال : (أولئك جنّ نصيبين) وكانوا اثني عشر ألفا والسورة التي قرأها عليهم : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (١) (فَلَمَّا قُضِيَ) أي فرغ النبي صلىاللهعليهوسلم من القراءة (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) إياهم.
٣٠ ـ (قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى) وإنما قالوا من بعد موسى لأنهم كانوا على اليهودية. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الجنّ لم تكن سمعت بأمر عيسى عليهالسلام (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب (يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) إلى الله تعالى (وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ).
٣١ ـ (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) أي محمدا صلىاللهعليهوسلم (وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) قال أبو حنيفة رضي الله عنه : لا ثواب لهم إلا النجاة من النار لهذه الآية ، وقال مالك وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد رحمهمالله : لهم الثواب والعقاب ، وعن الضّحّاك : أنهم يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون لقوله تعالى : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) (٢).
٣٢ ـ (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ) أي لا ينجى منه مهرب (وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
٣٣ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَ) هو
__________________
(١) العلق ، ٩٦ / ١. وهذا الحديث لم يذكر في سياق واحد بل ذكر مفرقا عند الطبري والحاكم والطبراني والدارقطني ، وما ذكر من مجموع هذه الأحاديث إلا اسم السورة.
(٢) الرحمن ، ٥٥ / ٥٦ و ٧٤.