(لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (٢) وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (٣) هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (٤) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) (٦)
٢ ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ) قيل الفتح ليس بسبب للمغفرة ، والتقدير إنا فتحنا لك فتحا مبينا فاستغفر ليغفر لك الله ، ومثله : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) إلى قوله : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ) (١) ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث إنه جهاد للعدو سببا للغفران ، وقيل الفتح لم يكن ليغفر له بل لإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم والنصر العزيز ، ولكنه لما عدّ (٢) عليه هذه النعم وصلها بما هو أعظم النعم ، كأنه قيل يسّرنا لك فتح مكة ، أو كذا لنجمع لك بين عزّ الدارين وأغراض العاجل والآجل (ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) يريد جميع ما فرط منك ، أو ما تقدّم من حديث مارية وما تأخر من امرأة زيد (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) بإعلاء دينك وفتح البلاد على يدك (وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) ويثبّتك على الدين المرضيّ.
٣ ـ (وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً) قويا منيعا لا ذلّ بعده أبدا.
٤ ـ ٦ ـ (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) السكينة للسكون كالبهيتة للبهتان ، أي أنزل الله في قلوبهم السكون والطمأنينة بسبب الصلح ليزدادوا يقينا إلى يقينهم ، وقيل السكينة الصبر على أمر (٣) الله والثقة بوعد الله والتعظيم لأمر الله (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً. لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً. وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ) أي ولله جنود السموات والأرض يسلّط بعضها على بعض كما يقتضيه علمه وحكمته ، ومن قضيته أن سكّن قلوب المؤمنين بصلح الحديبية ووعدهم أن يفتح لهم ، وإنما قضى ذلك ليعرف
__________________
(١) النصر ، ١١٠ / ١ ـ ٣.
(٢) في (ز) عدّد.
(٣) في (ظ) و (ز) ما أمر.