(بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا (١٢) وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (١٤)
حربا ، فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا : نذهب إلى قوم غزوه في عقر داره بالمدينة وقتلوا أصحابه فيقاتلهم! وظنوا أنه يهلك فلا ينقلب إلى المدينة (١) (شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) هي جمع أهل ، اعتلوا بالشغل بأهاليهم وأموالهم وأنه ليس لهم من يقوم بأشغالهم (فَاسْتَغْفِرْ لَنا) ليغفر لنا الله تخلّفنا عنك (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) تكذيب لهم في اعتذارهم ، وأنّ الذي خلّفهم ليس ما يقولون وإنما هو الشكّ في الله ، والنفاق ، فطلبهم الاستغفار أيضا ليس بصادر عن حقيقة (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) فمن يمنعكم من مشيئة الله وقضائه (إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا) ما يضرّكم من قتل أو هزيمة ، ضرا حمزة وعلي (أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً) من غنيمة وظفر (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
١٢ ـ (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ) زيّنه الشيطان (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) من غلوّ الكفر وظهور الفساد (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) جمع بائر كعائذ وعوز ، من بار الشيء هلك وفسد ، أي وكنتم قوما فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم ، أو هالكين عند الله مستحقين لسخطه وعقابه.
١٣ ـ (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ) أي لهم ، فأقيم الظاهر مقام الضمير للإيذان بأنّ من لم يجمع بين الإيمانين الإيمان بالله والإيمان برسوله فهو كافر ، ونكّر (سَعِيراً) لأنها نار مخصوصة كما نكّر : (ناراً تَلَظَّى) (٢).
١٤ ـ (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يدبره تدبير قادر حكيم (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) يغفر ويعذب بمشيئته وحكمته ، وحكمته المغفرة للمؤمنين وتعذيب الكافرين (٣) (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) سبقت رحمته غضبه.
__________________
(١) البيهقي في الدلائل.
(٢) الليل ، ٩٢ / ١٤.
(٣) في (ظ) و (ز) والتعذيب للكافرين.