(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا ١٥ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (١٦)
١٥ ـ (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) الذين تخلفوا عن الحديبية (إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ) إلى غنائم خيبر (لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) كلم الله حمزة وعلي ، أي يريدون أن يغيروا موعد الله لأهل الحديبية ، وذلك أنه وعدهم أن يعوّضهم من مغانم مكة مغانم خيبر إذا قفلوا موادعين لا يصيبون منهم شيئا (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) إلى خيبر ، وهو إخبار من الله بعدم اتباعهم ، ولا يبدل القول لديه (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) من قبل انصرافهم إلى المدينة : إنّ غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية دون غيرهم (فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا) أي لم يأمركم الله بل تحسدوننا أن نشارككم في الغنيمة (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ) من كلام الله (إِلَّا قَلِيلاً) إلّا شيئا قليلا ، يعني مجرد القول ، والفرق بين الاضرابين أنّ الأول ردّ أن يكون حكم الله أن لا يتبعوهم وإثبات الحسد والثاني إضراب عن وصفهم بإضافة الحسد إلى المؤمنين إلى وصفهم بما هو أطمّ (١) منه وهو الجهل وقلة الفقه.
١٦ ـ (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) هم الذين تخلّفوا عن الحديبية (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) يعني بني حنيفة قوم مسيلمة وأهل الردة الذين حاربهم أبو بكر رضي الله عنه ، لأن مشركي العرب والمرتدين هم الذين لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ، وقيل هم فارس وقد دعاهم عمر رضي الله عنه (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) أي يكون أحد الأمرين إما المقاتلة أو الإسلام ، ومعنى يسلمون على هذا التأويل ينقادون ، لأن فارس مجوس تقبل منهم الجزية ، وفي الآية دلالة صحة خلافة الشيخين حيث وعدهم الثواب على طاعة الداعي عند دعوته بقوله (فَإِنْ تُطِيعُوا) من دعاكم إلى قتاله (يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً) فوجب أن يكون الداعي مفترض الطاعة (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أي عن الحديبية (يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) في الآخرة.
__________________
(١) أطم : أفظع.