وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢١) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٢٢) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) (٢٣)
(النَّاسِ عَنْكُمْ) يعني أيدي أهل خيبر وحلفائهم من أسد (١) وغطفان (٢) حين جاؤوا لنصرتهم فقذف الله في قلوبهم الرعب فانصرفوا ، وقيل أيدي أهل مكة بالصلح (وَلِتَكُونَ) هذه الكفة (آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) وعبرة يعرفون بها أنهم من الله عزوجل بمكان ، وأنه ضامن نصرهم (٣) والفتح عليهم وفعل ذلك (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) ويزيدكم بصيرة ويقينا وثقة بفضل الله.
٢١ ـ (وَأُخْرى) معطوفة على هذه ، أي فعجّل لكم هذه المغانم ومغانم أخرى هي مغانم هوازن في غزوة حنين (٤) (لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) لما كان فيها من الجولة (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) أي قدر عليها واستولى وأظهركم عليها ، ويجوز في أخرى النصب بفعل مضمر يفسره قد أحاط الله بها تقديره وقضى الله أخرى قد أحاط بها ، وأما لم تقدروا عليها فصفة لأخرى ، والرفع على الابتداء لكونها موصوفة بلم تقدروا ، وقد أحاط الله بها خبر المبتدأ (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) قادرا.
٢٢ ـ (وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) من أهل مكة ولم يصالحوا أو من حلفاء أهل خيبر (لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ) لغلبوا وانهزموا (ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا) يلي أمرهم (وَلا نَصِيراً) ينصرهم.
٢٣ ـ (سُنَّةَ اللهِ) في موضع المصدر المؤكّد أي سنّ الله غلبة أنبيائه سنة ، وهو قوله : (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) (٥) (الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) تغييرا.
__________________
(١) أسد : اسم قبائل عدة من العرب تنسب إلى : أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، وأسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر ، وأسد بن ربيعة بن نزار (الأنساب ١ / ١٣٨).
(٢) غطفان : قبيلة من قيس عيلان : نزلت الكوفة ، وغطفان بن قيس جهينة بطن من جهينة بن زيد بن ليث. (الأنساب ٤ / ٣٠٢).
(٣) في (ظ) و (ز) نصرتهم.
(٤) حنين : واد قريب من مكة بينة وبينها ثلاث ليال (معجم البلدان ٢ / ٣٥٩).
(٥) المجادلة ، ٥٨ / ٢١.