(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) (١٢)
حتى انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لرجل : تنحّ ، فلم يفعل ، فقال : من هذا؟ فقال الرجل : أنا فلان ، فقال : بل أنت ابن فلانة ، يريد أما كان يعيّر بها في الجاهلية ، فخجل الرجل ، فنزلت ، فقال ثابت : لا أفخر على أحد في الحسب بعدها أبدا (١) (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) الاسم ههنا بمعنى الذكر من قولهم طار اسمه في الناس بالكرم أو باللؤم ، وحقيقته ما سما من ذكره وارتفع بين الناس ، كأنه قيل بئس الذكر المرتفع للمؤمنين بسبب ارتكاب هذه الجرائر (٢) أن يذكروا بالفسق ، وقوله بعد الإيمان استقباح للجمع بين الإيمان وبين الفسق الذي يحظره الإيمان ، كما تقول بئس الشأن بعد الكبرة الصبوة ، وقيل كان في شتائمهم لمن أسلم من اليهود يا يهودي يا فاسق ، فنهوا عنه ، وقيل لهم بئس الذكر أن تذكروا الرجل بالفسق واليهودية بعد إيمانه (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) عما نهي عنه (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وحّد وجمع للفظ من ومعناه.
١٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِ) يقال جنّبه الشرّ إذا أبعده عنه ، وحقيقته جعله منه (٣) في جانب ، فيعدّى إلى مفعولين ، قال الله تعالى : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) (٤) ومطاوعه اجتنب الشرّ فنقص مفعولا ، والمأمور باجتنابه بعض الظنّ وذلك البعض موصوف بالكثرة ألا ترى إلى قوله (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) قال الزّجّاج : هو ظنك بأهل الخير سوءا فأما أهل الفسق فلنا أن نظنّ فيهم مثل الذي ظهر منهم ، أو معناه اجتنابا كثيرا ، أو احترزوا من الكثير ليقع التحرز عن البعض ، والإثم : الذنب الذي يستحق صاحبه العقاب ، ومنه قيل لعقوبته الأثام فعال منه كالنّكال والعذاب (وَلا تَجَسَّسُوا) أي لا تتبعوا عورات المسلمين ومعايبهم ، يقال تجسس الأمر إذا تطلبه وبحث عنه ، تفعّل من الجسّ ، وعن مجاهد خذوا ما ظهر ودعوا ما ستره (٥) الله ، وقال سهل : لا تبحثوا عن طلب معايب ما ستره الله على عباده (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) الغيبة الذكر بالعيب في ظهر الغيب ، وهي من الاغتياب كالغيلة من الاغتيال ، وفي الحديث هو : (أن تذكر أخاك بما يكره فإن كان فيه فهو غيبة وإلا فهو
__________________
(١) ذكره الثعلبي بغير سند عن ابن عباس.
(٢) في (ظ) و (ز) الجرائم.
(٣) ليس في (ظ) و (ز) منه.
(٤) إبراهيم ، ١٤ / ٣٥.
(٥) في (ظ) و (ز) ستر.