(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (١٤)
من الطبقات الستّ التي عليها العرب ، وهي الشّعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة ، فالشّعب يجمع القبائل ، والقبيلة تجمع العمائر ، والعمارة تجمع البطون ، والبطن تجمع الأفخاذ ، والفخذ تجمع الفصائل ، خزيمة شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصي بطن ، وهاشم فخذ ، والعباس فصيلة ، وسميت الشعوب لأنّ القبائل تشعبت منها (لِتَعارَفُوا) أي إنما رتّبتكم (١) على شعوب وقبائل ليعرف بعضكم نسب بعض فلا يعتزي إلى غير آبائه ، لا أن تتفاخروا بالاباء والأجداد وتدّعوا التفاضل في الأنساب ، ثم بين الخصلة التي بها يفضل (٢) الإنسان غيره ويكتسب الشرف والكرم عند الله فقال (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) في الحديث : (من سرّه أن يكون أكرم الناس فليتق الله) (٣) وعن ابن عباس رضي الله عنهما : كرم الدنيا الغنى وكرم الآخرة التقوى. وروي أنه صلىاللهعليهوسلم طاف يوم فتح مكة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : (الحمد لله الذي أذهب عنكم عبيّة الجاهلية وتكبرها ، يا أيها الناس إنما الناس رجلان مؤمن تقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله) ثم قرأ الآية (٤) ، وعن يزيد بن شجرة (٥) مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سوق المدينة فرأى غلاما أسود يقول : من اشتراني فعلى شرط أن لا يمنعني من الصلوات الخمس خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاشتراه بعضهم فمرض فعاده رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم توفي فحضر دفنه ، فقالوا في ذلك شيئا فنزلت (٦) (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) كرم القلوب وتقواها (خَبِيرٌ) بهمّ النفوس في هواها.
١٤ ـ (قالَتِ الْأَعْرابُ) أي بعض الأعراب لأن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ، وهم أعراب بني أسد قدموا المدينة في سنة جدبة ، فأظهروا الشهادة يريدون الصدقة ويمنون عليه (آمَنَّا) أي ظاهرا وباطنا (قُلْ) لهم يا محمد (لَمْ تُؤْمِنُوا) لم تصدّقوا بقلوبكم (وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) فالإيمان هو التصديق ، والإسلام
__________________
(١) في (ظ) و (ز) رتبكم.
(٢) في (ظ) و (ز) يفضل بها.
(٣) الحاكم والبيهقي وأبو يعلى وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس ، وأتم منه.
(٤) الترمذي وابن حبان وأبو يعلى عن ابن عمر.
(٥) يزيد بن شجرة الرهاوي ، أمير حازم شجاع ، كان يغزو الثغور ويشهد الفتوح إلى أن قتل في إحدى غزواته عام ٥٨ ه (الأعلام ٨ / ١٨٤).
(٦) ذكره الثعلبي والواحدي بغير سند.