(قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (٤) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ (٥) أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (٧)
على أنهم في قولهم هذا مقدمون على الكفر العظيم ، وهذا إشارة إلى الرجع ، وإذا منصوب بمضمر معناه أحين نموت ونبلى نرجع. متنا نافع وعلي وحمزة وحفص (ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) مستبعد مستنكر ، كقولك هذا قول بعيد أي بعيد من الوهم والعادة ، ويجوز أن يكون الرجع بمعنى المرجوع وهو الجواب ، ويكون من كلام الله تعالى استبعادا لإنكارهم ما أنذروا به من البعث ، والوقف على ترابا على هذا حسن ، وناصب الظرف إذا كان الرجع بمعنى المرجوع ما دلّ عليه المنذر من المنذر به وهو البعث.
٤ ـ (قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) رد لاستبعادهم الرجع ، لأنّ من لطف علمه حتى علم ما تنقص الأرض من أجساد الموتى وتأكله من لحومهم وعظامهم كان قادرا على رجعهم أحياء كما كانوا (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) محفوظ من الشياطين ومن التغيّر ، وهو اللوح المحفوظ ، أو حافظ لما أودعه وكتب فيه.
٥ ـ (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) إضراب أتبع الإضراب الأول للدلالة على أنهم جاؤوا بما هو أفظع من تعجّبهم ، وهو التكذيب بالحقّ الذي هو النبوة الثابتة بالمعجزات في أول وهلة من غير تفكّر ولا تدبّر (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) مضطرب ، يقال مرج الخاتم في إصبعه (١) إذا اضطرب من سعته ، فيقولون تارة شاعر ، وطورا ساحر ، ومرة كاهن ، لا يثبتون على شيء واحد ، وقيل الحقّ القرآن ، وقيل الإخبار بالبعث ، ثم دلّهم على قدرته على البعث فقال :
٦ ـ (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا) حين كفروا بالبعث (إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ) إلى آثار قدرة الله تعالى في خلق العالم (كَيْفَ بَنَيْناها) رفعناها بغير عمد (وَزَيَّنَّاها) بالنيّرات (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) من فتوق وشقوق ، أي أنها سليمة من العيوب لا فتق فيها ولا صدع ولا خلل.
٧ ـ (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) دحوناها (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) جبالا ثوابت لو لا هي
__________________
(١) في (ظ) و (ز) في الإصبع.