(ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (١٠)
الجمهور ، ومن قوّته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود ، وحملها على جناحه ورفعها إلى السماء ، ثم قلبها ، وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين.
٦ ـ (ذُو مِرَّةٍ) ذو منظر حسن عن ابن عباس (فَاسْتَوى) فاستقام على صورة نفسه الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثّل بها كلما هبط بالوحي ، وكان ينزل في صورة دحية (١) ، وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحبّ أن يراه في صورته التي جبل عليها ، فاستوى له في الأفق الأعلى ، وهو أفق الشمس فملأ الأفق (٢) ، وقيل ما رآه أحد من الأنبياء عليهمالسلام في صورته الحقيقية سوى محمد صلىاللهعليهوسلم مرتين ، مرة في الأرض ومرة في السماء (٣).
٧ ـ (وَهُوَ) أي جبريل عليهالسلام (بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) مطلع الشمس.
٨ ـ (ثُمَّ دَنا) جبريل من رسول الله صلىاللهعليهوسلم (فَتَدَلَّى) فزاد في القرب ، والتدلّي هو النزول بقرب الشيء.
٩ ـ (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ) مقدار قوسين عربيتين ، وقد جاء التقدير بالقوس والرمح والسّوط والذراع والباع ومنه : (لا صلاة إلى أن ترتفع الشمس مقدار رمحين) (٤) وفي الحديث : (لقاب قوس أحدكم من الجنة وموضع قدّه خير من الدنيا وما فيها) (٥) والقدّ السّوط ، وتقديره وكان مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين ، فحذفت هذه المضافات (أَوْ أَدْنى) أي على تقديركم ، كقوله : (أَوْ يَزِيدُونَ) (٦) وهذا لأنهم خوطبوا على لغتهم ومقدار فهمهم ، وهم يقولون هذا قدر رمحين أو أنقص ، وقيل بل أدنى.
١٠ ـ (فَأَوْحى) جبريل عليهالسلام (إِلى عَبْدِهِ) إلى عبد الله وإن لم يجر لاسمه
__________________
(١) دحية : هو دحية الكلبي سبق ترجمته في ٦ / ٩.
(٢) قال ابن حجر : لم أجده هكذا وما في الصحيحين والترمذي وابن حبان متفق معنى مختلف لفظا من رواية مسروق عن عائشة.
(٣) قال ابن حجر : لم أجده هكذا وذكر المرتين تقدم في الذي قبله.
(٤) رواه الحاكم من حديث عمرو بن عنبسة في حديث طويل ، ورواه إسحاق والدارقطني من حديث كعب بن مرة نحوه في حديث ، ورواه الطبراني من حديث عبد الرحمن بن عوف.
(٥) أخرجه البخاري من طريق حميد عن أنس أتم من هذا.
(٦) الصافات ، ٣٧ / ١٤٧.