(أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى) (٤٠)
مبالغة في الوفاء ، عن الحسن : ما أمره الله بشيء إلّا وفّى به ، وعن عطاء بن السائب (١) : عهد أن لا يسأل مخلوقا فلما قذف في النار قال له جبريل : ألك حاجة؟ فقال : أمّا إليك فلا. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم : (وفّى عمله كلّ يوم بأربع ركعات في صدر النهار) (٢) وهي صلاة الضحى ، وروي : (ألا أخبركم لم سمّى الله خليله الذي وفّى؟ كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) إلى : (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) (٣)) (٤) وقيل : (وفّى سهام الإسلام ، وهي ثلاثون : عشرة في التوبة : (التَّائِبُونَ) (٥) وعشرة في الأحزاب : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ) (٦) وعشرة في المؤمنين : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (٧) ثم أعلم بما في صحف موسى وإبراهيم فقال :
٣٨ ـ (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) تزر من وزر يزر إذا اكتسب وزرا ، وهو الإثم ، وأن مخففة من الثقيلة ، والمعنى أنه لا تزر ، والضمير ضمير الشأن ، ومحل أن وما بعدها الجرّ بدلا من ما في صحف موسى ، أو الرفع على هو أن لا تزر كأن قائلا قال : وما في صحف موسى وإبراهيم؟ فقيل : ألا تزر وازرة وزر أخرى ، أي لا تحمل نفس ذنب نفس.
٣٩ ـ (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) إلّا سعيه ، وهذه أيضا مما في صحف إبراهيم وموسى ، وأما ما صحّ في الأخبار من الصدقة عن الميت والحج عنه فقد قيل إن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعي نفسه ، وهو أن يكون مؤمنا ، كان سعي غيره كأنه سعي نفسه لكونه تابعا له وقائما بقيامه ، ولأن سعي غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه ولكن إذا نواه به ، فهو بحكم الشرع كالنائب عنه والوكيل القائم مقامه.
٤٠ ـ (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) أي يرى هو سعيه يوم القيامة في ميزانه.
__________________
(١) عطاء بن السائب : من أعلام التابعين على لين فيه ، ثقة ، ساء حفظه بآخرة ، قال يحيى بن سعيد : ما سمعت أحدا من الناس يقول في حديثه القديم (المعجم الوجيز ص ١٠٨ و ١٣٠ و ٢٥٢).
(٢) الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما من رواية جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا به وأتم منه.
(٣) الروم ، ٣٠ / ١٧ ـ ١٨.
(٤) أحمد والطبراني وابن السني والطبري وابن أبي حاتم من رواية ابن لهيعة عن زبان عن ابن قائد عن سهل بن معاذ عن أبيه به.
(٥) التوبة ، ٩ / ١١٢.
(٦) الأحزاب ، ٣٣ / ٣٥.
(٧) المؤمنون ، ٢٣ / ١ ـ ١١.