(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (١٢)
القرب منه ، وحرصا على استماع كلامه ، وقيل هو المجلس من مجالس القتال ، وهي مراكز الغزاة كقوله : (مَقاعِدَ لِلْقِتالِ) (١) مقاتل في صلاة الجمعة (فَافْسَحُوا) فوسعوا (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) مطلق في كل ما يبتغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغير ذلك (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا) انهضوا للتوسعة على المقبلين ، أو انهضوا عن مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أمرتم بالنهوض عنه ، أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير (فَانْشُزُوا) بالضم فيهما مدني وشامي وعاصم غير حماد (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) بامتثال أوامره وأوامر رسوله (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) والعالمين منهم خاصة (دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) وفي الدرجات قولان : أحدهما في الدنيا في المرتبة والشرف ، والآخر في الآخرة ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا قرأها قال : يا أيها الناس افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم ، وعن النبي صلىاللهعليهوسلم : (فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب) (٢) وعنه صلىاللهعليهوسلم : (عبادة العالم يوما واحدا تعدل عبادة العابد أربعين سنة) (٣) وعنه صلىاللهعليهوسلم : (يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء) (٤). فأعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعن ابن عباس رضي الله عنهما : خيّر سليمان عليهالسلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فاعطي المال والملك معه (٥) وقال صلىاللهعليهوسلم : (أوحى الله إلى إبراهيم عليهالسلام يا إبراهيم إني عليم أحبّ كلّ عليم) (٦). وعن بعض الحكماء : ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم وأي شيء فات من أدرك العلم. وعن الزبيري (٧) : العلم ذكر فلا يحبّه إلا ذكورة الرجال ، والعلوم أنواع فأشرفها أشرفها معلوما.
١٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ) إذا أردتم مناجاته (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ
__________________
(١) آل عمران ، ٣ / ١٢١.
(٢) أصحاب السنن الأربعة من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
(٣) لم أجده.
(٤) كنز العمال ١٤ / ٣٩٠٧٢.
(٥) الديلمي في الفردوس بدون إسناد.
(٦) ابن عبد البر في العلم قال : روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فذكره بغير إسناد : قاله ابن حجر.
(٧) الزبيري : هو أحمد بن سليمان البصري أبو عبد الله ، باحث من فقهاء الشافعية توفي عام ٣١٧ ه وله مؤلفات (الأعلام ١ / ١٣٢).