أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٣) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (١٥)
(نَجْواكُمْ صَدَقَةً) أي قبل نجواكم ، وهي استعارة ممن له يدان ، كقول عمر رضي الله عنه : من أفضل ما أوتيت العرب الشعرّ يقدّمه الرجل أمام حاجته فيستمطر به الكريم ويستنزل به اللئيم (١) يريد قبل حاجته (ذلِكَ) التقديم (خَيْرٌ لَكُمْ) في دينكم (وَأَطْهَرُ) لأن الصدقة طهرة (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) ما تتصدقون به (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) في ترخيص المناجاة من غير صدقة ، قيل كان ذلك عشر ليال ثم نسخ ، وقيل ما كان إلا ساعة من نهار ثم نسخ ، وقال علي رضي الله عنه : هذه آية من كتاب الله ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان لي دينار فصرفته ، فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم وسألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشر مسائل فأجابني عنها ، قلت يا رسول الله ما الوفاء؟ قال : (التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله) قلت : وما الفساد؟ قال : (الكفر والشرك بالله) قلت : وما الحق؟ قال : (الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك) قلت : وما الحيلة؟ قال : (ترك الحيلة) قلت : وما عليّ؟ قال : (طاعة الله وطاعة رسوله) قلت : وكيف أدعو الله تعالى؟ قال : (بالصدق واليقين) قلت : وما ذا أسأل الله؟ قال : (العافية) قلت : وما أصنع لنجاة نفسي؟ قال : (كل حلالا وقل صدقا) قلت : وما السرور؟ قال : (الجنة) قلت : وما الراحة؟ قال : (لقاء الله) فلما فرغت منها نزل نسخها (٢).
١٣ ـ (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من الإنفاق الذي تكرهونه (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) ما أمرتم به وشقّ عليكم (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) أي خفّف عنكم وأزال عنكم المؤاخذة بترك تقديم الصدقة على المناجاة ، كما أزال المؤاخذة بالذنب عن التائب عنه (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) وهذا وعد ووعيد.
١٤ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) كان المنافقون يتولون اليهود
__________________
(١) قال ابن حجر : لم أجده.
(٢) الحاكم وابن أبي شيبة.