(وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (٣) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤) مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (٥) وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٦)
التخريب إزالة متحصّنهم ، وأن يتسع لهم مجال الحرب ، ومعنى تخريبهم لها بأيدي المؤمنين أنهم لما عرّضوهم بنكث العهد لذلك وكانوا السبب فيه فكأنهم أمروهم به وكلّفوهم إياه (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) أي فتأملوا فيما نزل بهؤلاء ، والسبب الذي استحقوا به ذلك ، فاحذروا أن تفعلوا مثل فعلهم فتعاقبوا بمثل عقوبتهم ، وهذا دليل على جواز القياس.
٣ ـ (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ) الخروج من الوطن مع الأهل والولد (لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا) بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة (وَلَهُمْ) سواء أجلوا أو قتلوا (فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ) الذي لا أشد منه.
٤ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) أي إنما أصابهم ذلك بسبب أنهم (شَاقُّوا اللهَ) خالفوه (وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ) (١) (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
٥ ـ (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) هو بيان لما قطعتم ، ومحل ما نصب بقطعتم ، كأنه قيل أي شيء قطعتم ، وأنّث الضمير الراجع إلى ما في قوله (أَوْ تَرَكْتُمُوها) لأنه في معنى اللينة ، واللينة : النخلة من الألوان ، وياؤها عن واو قلبت لكسرة ما قبلها ، وقيل اللينة النخلة الكريمة كأنهم اشتقوها من اللين (قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ) فقطعها وتركها بإذن الله (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) وليذلّ اليهود ويغيظهم أذن في قطعها.
٦ ـ (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) جعله فيئا له خاصة (مِنْهُمْ) من بني النضير (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) فلم يكن ذلك بإيجاف خيل أو ركاب منكم على ذلك ، والرّكاب الإبل ، والمعنى فما أوجفتم على تحصيله وتغنيمه خيلا ولا ركابا ولا تعبتم في القتال عليه وإنما مشيتم إليه على أرجلكم لأنه على ميلين من المدينة ، وكان صلىاللهعليهوسلم على حمار فحسب (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) يعني
__________________
(١) في (ز) (يُشَاقِّ اللهَ) ورسوله تفسيرا (ز) فإن (ز).