(وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٧) لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (٨)
أن ما خوّل الله رسوله من أموال بني النضير شيء لم تحصّلوه بالقتال والغلبة ولكن سلّطه الله عليهم وعلى ما في أيديهم كما كان يسلط رسله على أعدائهم ، فالأمر فيه مفوض إليه يضعه حيث يشاء ولا يقسمه قسمة الغنائم التي قوتل عليها وأخذت عنوة وقهرا ، فقسمها بين المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة منهم لفقرهم (١) (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
٧ ـ (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) وإنما لم يدخل العاطف على هذه الجملة لأنها بيان للأولى ، فهي منها غير أجنبية عنها ، بيّن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ما يصنع بما أفاء الله عليه وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم مقسوما على الأقسام الخمسة ، وزيّف هذا القول بعض المفسرين وقال : الآية الأولى نزلت في أموال بني النضير وقد جعلها الله لرسوله خاصة ، وهذه الآية في غنائم كلّ قرية تؤخذ بقوة الغزاة ، وفي الآية بيان مصرف خمسها ، فهي مبتدأة (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) تكون دولة يزيد على كان التامة ، والدّولة والدّولة ما يدول للإنسان أي يدور من الجدّ ، ومعنى قوله كيلا يكون دولة (بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) كيلا يكون الفيء الذي حقّه أن يعطى الفقراء ليكون لهم بلغة يعيشون بها جدا بين الأغنياء يتكاثرون به (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ) أي أعطاكم من قسمة غنيمة أو فيء (فَخُذُوهُ) فاقبلوه (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) عن أخذه منها (فَانْتَهُوا) عنه ولا تطلبوه (وَاتَّقُوا اللهَ) أن تخالفوه وتتهاونوا بأوامره ونواهيه (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن خالف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والأجود أن يكون عاما في كل ما آتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونهى عنه ، وأمر الفيء داخل في عمومه.
٨ ـ (لِلْفُقَراءِ) بدل من قوله ولذي القربى ، والمعطوف عليه والذي منع الإبدال من لله وللرسول وإن كان المعنى لرسول الله ، أن الله عزوجل أخرج رسوله من
__________________
(١) روى الواقدي عن أم العلاء أن الثلاثة هم سهل بن حنيف وأبو دجانة ، ونفل سيف بن أبي الحقيق سعد بن معاذ.