(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٩)
الفقراء في قوله : وينصرون الله ورسوله ، وأنه يترفع برسول الله عن التسمية بالفقير ، وأن الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله عزوجل (الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ) بمكة ، وفيه دليل على أنّ الكفار يملكون بالاستيلاء أموال المسلمين لأنّ الله تعالى سمى المهاجرين فقراء مع أنه كانت لهم ديار وأموال (يَبْتَغُونَ) حال (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) أي يطلبون الجنة ورضا (١) الله (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي ينصرون دين الله ويعينون رسوله (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) في إيمانهم وجهادهم.
٩ ـ (وَالَّذِينَ) معطوف على المهاجرين وهم الأنصار (تَبَوَّؤُا الدَّارَ) توطنوا المدينة (وَالْإِيمانَ) وأخلصوا الإيمان كقوله : علفتها تبنا وماء باردا (٢) ، أو وجعلوا الإيمان مستقرا ومتوطّنا لهم لتمكّنهم منه (٣) واستقامتهم عليه كما جعلوا المدينة كذلك ، أو أراد دار الهجرة ودار الإيمان ، فأقام لام التعريف في الدار مقام المضاف إليه وحذف المضاف من دار الإيمان ووضع المضاف إليه مقامه (مِنْ قَبْلِهِمْ) من قبل المهاجرين لأنهم سبقوهم في تبوء دار الهجرة والإيمان ، وقيل من قبل هجرتهم (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) حتى شاطروهم أموالهم وأنزلوهم منازلهم ، ونزل من كانت له امرأتان عن إحديهما حتى تزوج بها رجل من المهاجرين (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) ولا يعلمون في أنفسهم طلب محتاج إليه مما أوتي المهاجرين من الفيء وغيره ، والمحتاج إليه يسمى حاجة يعني أنّ نفوسهم لم تتبع ما أعطوا ولم تطمح إلى شيء منه تحتاج إليه ، وقيل حاجة حسدا مما أعطي المهاجرون من الفيء حيث خصّهم النبي صلىاللهعليهوسلم به ، وقيل لا يجدون في صدورهم مسّ حاجة من فقد ما أوتوا فحذف المضافان (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) فقر ، وأصلها خصاص البيت وهي فروجه ، والجملة في موضع الحال ، أي مفروضة خصاصتهم ، روي أنه
__________________
(١) في (ظ) و (ز) رضوان.
(٢) أي تبوّؤا الدار وأخلصوا الإيمان كقوله علفتها تبنا وسقيتها ماء باردا.
(٣) ليس في (ظ) و (ز) منه.