(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِم مُّنذِرِينَ (٧٢) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ (٧٣) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤) وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (٧٥)
يتملّوا (١) ، ويسقون بعد ذلك ، ثم يرجعون إلى دركاتهم ، ومعنى التراخي في ذلك ظاهر.
٦٩ ـ ٧٠ ـ إنّهم ألفوا آبائهم ظالّين. فهم على آثارهم يهرعون علّل استحقاقهم للوقوع في تلك الشدائد بتقليد الآباء في الدّين واتباعهم إياهم في الضلال وترك اتباع الدليل. والإهراع : الإسراع الشديد كأنهم يحثّون حثا.
٧١ ـ (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ) قبل قوم (٢) قريش (أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) يعني الأمم الخالية بالتقليد وترك النظر والتأمل.
٧٢ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) أنبياء حذّروهم العواقب.
٧٣ ـ (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) الذين (٣) أنذروا وحذّروا ، أي أهلكوا جميعا.
٧٤ ـ (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) أي إلّا الذين آمنوا منهم وأخلصوا لله دينهم ، أو أخلصهم الله لدينه على القراءتين.
ولما ذكر إرسال المنذرين في الأمم الخالية وسوء عاقبة المنذرين أتبع ذلك ذكر نوح ودعاءه إياه حين أيس من قومه بقوله :
٧٥ ـ (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) دعانا لننجّيه من الغرق ، وقيل أريد به قوله : (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) (٤) (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) اللام الداخلة على نعم جواب قسم محذوف ، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره ولقد نادانا نوح فو الله لنعم المجيبون نحن ، والجمع دليل العظمة والكبرياء ، والمعنى إنا أجبناه أحسن الإجابة ، ونصرناه على أعدائه ، وانتقمنا منهم بأبلغ ما يكون.
__________________
(١) في (ظ) يملوا ، وفي (ز) يمتلئوا.
(٢) في (ظ) و (ز) قومك.
(٣) في (ز) أي الذين.
(٤) القمر ، ٥٤ / ١٠.