(وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ) (١١)
العلم به (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) العلم الذي تبلغه طاقتكم ، وهو الظنّ الغالب بظهور الأمارات ، وتسمية الظنّ علما يؤذن بأنّ الظنّ الغالب وما يفضي إليه القياس جار مجرى العلم وصاحبه غير داخل في قوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (١) (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) فلا تردوهنّ إلى أزواجهنّ المشركين (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) أي لا حلّ بين المؤمنة والمشرك لوقوع الفرقة بينهما بخروجها مسلمة (وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا) وأعطوا أزواجهنّ مثل ما دفعوا إليهنّ من المهور. نزلت الآية بعد صلح الحديبية ، وكان الصلح قد وقع على أن يرد على أهل مكة من جاء مؤمنا منهم ، فأنزل الله هذه الآية بيانا لأن ذلك في الرجال لا في النساء ، لأن المسلمة لا تحلّ للكافر ، وقيل نسخت هذه الآية الحكم الأول (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) ثم نفى عنهم الجناح في تزوّج هؤلاء المهاجرات (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) أي مهورهنّ لأن المهر أجر البضع ، وبه احتجّ أبو حنيفة رضي الله عنه على أن لا عدة على المهاجرة (وَلا تُمْسِكُوا) ولا تمسّكوا بصري (بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) العصمة ما يعتصم به من عقد وسبب ، والكوافر جمع كافرة وهي التي بقيت في دار الحرب أو لحقت بدار الحرب مرتدة ، أي لا يكن بينكم وبينهن عصمة ولا علقة زوجية. قال ابن عباس رضي الله عنهما : من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدّنّ بها من نسائه ، لأن اختلاف الدارين قطع عصمتها منه (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) من مهور أزواجكم اللاحقات بالكفار ممن تزوّجها (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) من مهور نسائهم المهاجرات ممن تزوّجها منّا (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ) أي جميع ما ذكر في هذه الآية (يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) كلام مستأنف ، أو حال من حكم الله على حذف الضمير ، أي يحكمه الله ، أو جعل الحكم حاكما على المبالغة ، وهو منسوخ فلم يبق سؤال المهر لا منّا ولا منهم (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
١١ ـ (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) وإن انفلت أحد منهنّ إلى الكفار ، وهو في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه أحد (فَعاقَبْتُمْ) فأصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم عن الزّجّاج (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا) فأعطوا المسلمين الذين ارتدت زوجاتهم ولحقن بدار الحرب مهور زوجاتهم من هذه الغنيمة (وَاتَّقُوا اللهَ
__________________
(١) الإسراء ، ١٧ / ٣٦.