(لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٠)
فأسلم قومهم وتم بينهم التحاب ، وعسى وعد من الله على عادات الملوك حيث يقولون في بعض الحوائج عسى أو لعلّ فلا تبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك ، أو أريد به إطماع المؤمنين (وَاللهُ قَدِيرٌ) على تقليب القلوب وتحويل الأحوال وتسهيل أسباب المودة (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن أسلم من المشركين.
٨ ـ (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ) تكرموهم وتحسنوا إليهم قولا وفعلا ، ومحلّ أن تبرّوهم جر على البدل من الذين لم يقاتلوكم ، وهو بدل اشتمال ، والتقدير عن برّ الذين (وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) وتقضوا إليهم بالقسط ولا تظلموهم ، وإذا نهي عن الظلم في حقّ المشرك فكيف في حق المسلم؟ (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
٩ ـ (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) هو بدل من الذين قاتلوكم ، والمعنى لا ينهاكم عن مبرّة هؤلاء ، وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ) منكم (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) حيث وضعوا التولي غير موضعه.
١٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ) سماهنّ مؤمنات لنطقهنّ بكلمة الشهادة ، أو لأنهن مشارفات لثبات إيمانهنّ بالامتحان (مُهاجِراتٍ) نصب على الحال (فَامْتَحِنُوهُنَ) فابتلوهنّ بالنظر في الأمارات ليغلب على ظنونكم صدق إيمانهنّ. وعن ابن عباس : امتحانها أن تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ) منكم ، فإنكم وإن رزتم (١) أحوالهن لا تعلمون ذلك حقيقة وعند الله حقيقة
__________________
(١) رازه : جربه (القاموس ٢ / ١٧٧).