(إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) (٨٩)
لإبراهيم ، أو بمحذوف وهو اذكر ، ومعنى المجيء بقلبه ربّه أنه أخلص لله قلبه وعلم الله ذلك منه فضرب المجيء مثلا لذلك.
٨٥ ـ ٨٦ ـ (إِذْ) بدل من الأولى (قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ. أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) أإفكا مفعول له تقديره أتريدون آلهة من دون الله إفكا ، وإنما قدّم المفعول به على الفعل للعناية ، وقدّم المفعول له على المفعول به لأنه كان الأهمّ عنده أن يكافحهم أنهم (١) على إفك وباطل في شركهم ، ويجوز أن يكون إفكا مفعولا به ، أي أتريدون إفكا ، ثم فسّر الإفك بقوله آلهة دون الله على أنها إفك في نفسها ، أو حالا ، أي أتريدون آلهة من دون الله آفكين.
٨٧ ـ (فَما ظَنُّكُمْ) أيّ شيء ظنّكم (بِرَبِّ الْعالَمِينَ) وأنتم تعبدون غيره ، وما رفع بالابتداء والخبر ظنّكم ، أو فما ظنّكم به ما ذا يفعل بكم وكيف يعاقبكم وقد عبدتم غيره وعلمتم أنه المنعم على الحقيقة فكان حقيقا بالعبادة.
٨٨ ـ (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) أي نظر في النجوم راميا ببصره إلى السماء متفكرا في نفسه كيف يحتال ، أو أراهم أنه ينظر في النجوم لاعتقادهم علم النجوم ، فأوهمهم أنه استدل بأمارة على أنه يسقم.
٨٩ ـ (فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) أي مشارف للسّقم ، وهو الطاعون ، وكان أغلب الأسقام عليهم ، وكانوا يخافون العدوى ليتفرقوا عنه ، فهربوا منه إلى عيدهم وتركوه في بيت الأصنام ليس معه أحد ، ففعل بالأصنام ما فعل ، وقالوا علم النجوم كان حقا ثم نسخ الاشتغال بمعرفته ، والكذب حرام إلا إذا عرّض ، والذي قاله إبراهيم عليهالسلام معراض من الكلام ، أي سأسقم ، أو من في عنقه الموت سقيم (٢) ، ومنه المثل كفى بالسلامة داء. ومات رجل فجأة فقالوا مات وهو صحيح ، فقال أعرابي أصحيح من الموت في عنقه ، أو أراد إني سقيم النفس لكفركم ، كما يقال أنا مريض القلب من كذا.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) بأنهم.
(٢) في (ز) أمن الموت في عنقه سقيم.