(سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٦) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (٨)
كلام غلام عسى أن يكون قد وهم ، فلما نزلت ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لزيد : (يا غلام إنّ الله قد صدقك وكذّب المنافقين) (١). فلما بان كذب عبد الله قيل له : قد نزلت فيك آي شداد ، فاذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يستغفر لك ، فلوى رأسه ، فقال : أمرتموني أن أومن فآمنت ، وأمرتموني أن أزكي مالي فزكيت ، وما بقي لي إلا أن أسجد لمحمد ، فنزل : وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله ، ولم يلبث إلا أياما حتى اشتكى ومات (٢).
٦ ـ (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) أي ما داموا على النفاق ، والمعنى سواء عليهم الاستغفار وعدمه لأنهم لا يلتفتون إليه ولا يعتدون به لكفرهم ، أو لأن الله لا يغفر لهم ، وقرىء استغفرت على حذف حرف الاستفهام لأن أم المعادلة تدلّ عليه (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ).
٧ ـ (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) يتفرقوا (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي وله الأرزاق والقسم ، فهو رازقهم منها ، وإن أبى أهل المدينة أن ينفقوا عليهم (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) ولكن عبد الله وأضرابه جاهلون لا يفقهون ذلك فيهذون بما يزيّن لهم الشيطان.
٨ ـ (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا) من غزوة بني المصطلق (إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ) الغلبة والقوة (وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ولمن أعزه الله وأيده من رسوله ومن المؤمنين ، وهم الأخصاء بذلك ، كما أنّ المذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين. وعن بعض الصالحات وكانت في هيئة رثّة : ألست على
__________________
(١) هكذا ذكره الواقدي في المغازي بغير إسناد وعزاه إلى الثعلبي والواحدي وأصحاب السير ، وأخرجه ابن إسحاق في السيرة باختلاف يسير ، وأخرجه الطبري من طريقه. وأصل القصة في الصحيحين عن زيد ، ورواه الترمذي والنسائي والحاكم من طريق أبي سعد الأودي عن زيد.
(٢) ذكره الثعلبي موصولا بالذي قبله وأخرجه الطبري بسنده عن بشر بن مسلم.