(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (١١)
الإسلام؟ وهو العزّ الذي لا ذلّ معه والغنى الذي لا فقر معه ، وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رجلا قال له : إنّ الناس يزعمون أنّ فيك تيها. قال : ليس بتيه ولكنه عزة وتلا هذه الآية (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ).
٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ) لا تشغلكم (أَمْوالُكُمْ) والتصرف فيها والسعي في تدبير أمرها بالنماء وطلب النّتاج (وَلا أَوْلادُكُمْ) وسروركم بهم وشفقتكم عليهم والقيام بمؤنهم (عَنْ ذِكْرِ اللهِ) أي عن الصلوات الخمس ، أو عن القرآن (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) يريد الشغل بالدنيا عن الدين ، وقيل : من يشتغل بتثمير أمواله عن تدبير أحواله وبمرضاة أولاده عن إصلاح معاده (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) في تجارتهم حيث باعوا الباقي بالفاني.
١٠ ـ (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) من للتبعيض ، والمراد بالإنفاق الواجب (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) أي من قبل أن يرى دلائل الموت ويعاين ما ييأس معه من الإمهال ويتعذر عليه الإنفاق (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي) هلّا أخرت موتي (إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) إلى زمان قليل (فَأَصَّدَّقَ) فأتصدّق ، وهو جواب لو لا (وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) من المؤمنين ، والآية في المؤمنين ، وقيل في المنافقين ، وأكون أبو عمرو بالنصب عطفا على اللفظ ، والجزم على موضع فأصّدّق كأنه قيل إن أخرتني أصّدّق وأكن.
١١ ـ (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً) عن الموت (إِذا جاءَ أَجَلُها) المكتوب في اللوح المحفوظ (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) يعملون حماد ويحيى ، والمعنى أنكم إذا علمتم أنّ تأخير الموت عن وقته مما لا سبيل إليه وأنه هاجم لا محالة ، وأنّ الله عليم بأعمالكم ، فمجاز عليها من منع واجب وغيره لم يبق إلا المسارعة إلى الخروج عن عهدة الواجبات والاستعداد للقاء الله (١).
__________________
(١) في (ظ) و (ز) عن عهدة الواجب والاستعداد للقاء الله تعالى ، وزاد في (ز) والله أعلم بالصواب.