(فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) (٢)
كوامل لا نقصان فيهنّ ، وخوطب الأزواج لغفلة النساء (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَ) حتى تنقضي عدتهنّ (مِنْ بُيُوتِهِنَ) من مساكنهن التي يسكنّها قبل العدة ، وهي بيوت الأزواج ، وأضيفت إليهنّ لاختصاصها بهن من حيث السكنى ، وفيه دليل على أنّ السكنى واجبة ، وأنّ الحنث بدخول دار يسكنها فلان بغير ملك ثابت فيما إذا حلف لا يدخل داره ، ومعنى الإخراج أن لا يخرجهنّ البعولة غضبا عليهنّ وكراهة لمساكنتهنّ ، أو لحاجة لهم إلى المساكن ، وأن لا يأذنوا لهنّ في الخروج إذا طلبن ذلك إيذانا بأنّ إذنهم لا أثر له في رفع الحظر (وَلا يَخْرُجْنَ) بأنفسهن إن أردن ذلك (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) قيل هي الزنا ، أي إلا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحدّ عليهن ، وقيل خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة في نفسه (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أي الأحكام المذكورة (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي) أيها المخاطب (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) بأن يقلّب قلبه من بغضها إلى محبتها ، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها ، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها ، والمعنى فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ولا تخرجوهن من بيوتهنّ لعلكم تندمون فتراجعون.
٢ ـ (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) قاربن آخر العدة (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) أي فأنتم بالخيار إن شئتم ، فالرّجعة والإمساك بالمعروف والإحسان ، وإن شئتم فترك الرجعة والمفارقة واتقاء الضّرار ، وهو أن يراجعها في آخر عدتها ثم يطلّقها تطويلا للعدة عليها وتعذيبا لها (وَأَشْهِدُوا) يعني عند الرجعة والفرقة جميعا ، وهذا الإشهاد مندوب إليه لئلا يقع بينهما التجاحد (ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) من المسلمين (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) لوجهه خالصا ، وذلك أن يقيموها لا للمشهود له ولا للمشهود عليه ولا لغرض من الأغراض سوى إقامة الحقّ ودفع الظلم (١) (ذلِكُمْ) الحثّ على إقامة الشهادة لوجه الله ولأجل القيام بالقسط (يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي إنما ينتفع به هؤلاء (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) هذه جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من إجراء أمر الطلاق على السّنّة ، والمعنى ومن يتق الله فطلّق للسّنّة ولم يضارّ
__________________
(١) في (ظ) و (ز) الضرر.