(وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (٤)
المعتدة ولم يخرجها من مسكنها واحتاط فأشهد يجعل الله له مخرجا مما في شأن الأزواج من الغموم والوقوع في المضايق ويفرّج عنه ويعطيه (١) الخلاص.
٣ ـ (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) من وجه لا يخطر بباله ولا يحتسبه ، ويجوز أن يجاء بها على سبيل الاستطراد عند ذكر قوله : ذلكم يوعظ به. أي ومن يتق الله يجعل له مخرجا ومخلصا من غموم الدنيا والآخرة. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قرأها فقال : (مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة) (٢). وقال صلىاللهعليهوسلم : (إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم ومن يتّق الله) فما زال يقرؤها ويعيدها (٣) ، وروي أن عوف بن مالك أسر المشركون ابنا له فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أسر ابني وشكا إليه الفاقة فقال : (ما أمسى عند آل محمد إلا مدّ فاتق الله واصبر وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم) فعاد إلى بيته وقال لامرأته إنّ رسول الله أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم ، فقالت : نعم ما أمرنا به ، فجعلا يقولان ذلك فبينما هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل تغفّل عنها العدو فاستاقها (٤) ، فنزلت هذه الآية (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) يكل أمره إليه عن طمع غيره وتدبير نفسه (فَهُوَ حَسْبُهُ) كافيه في الدارين (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) حفص ، أي منفذ أمره ، غيره بالغ أمره أي يبلغ ما يريد لا يفوته مراد ولا يعجزه مطلوب (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) تقديرا وتوقيتا ، وهذا بيان لوجوب التوكل على الله وتفويض الأمر إليه ، لأنه إذا علم أنّ كلّ شيء من الرزق ونحوه لا يكون إلا بتقديره وتوقيته لم يبق إلا التسليم للقدر والتوكل.
٤ ـ (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ) روي أنّ ناسا قالوا : قد عرفنا عدة
__________________
(١) في (ز) ويعطه.
(٢) رواه الثعلبي والواحدي بسندهما عن ابن عباس مرفوعا ، ورواه أبو نعيم في الحلية موقوفا على قتادة في ترجمته.
(٣) أحمد في الزهد وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن أبي ذر مرفوعا.
(٤) الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، وروى البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود نحوه.