لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (٧) وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا (٨) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا) (٩)
(تُضآرُّوهُنَ) ولا تستعملوا معهن الضرار (لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ) في المسكن ببعض الأسباب من إنزال من لا يوافقهن ، أو يشغل مكانهنّ ، أو غير ذلك حتى تضطروهن إلى الخروج (وَإِنْ كُنَ) أي المطلقات (أُولاتِ حَمْلٍ) ذوات أحمال (فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) وفائدة اشتراط الحمل أنّ مدة الحمل ربما تطول فيظنّ ظان النفقة تسقط إذا مضى مقدار عدة الحامل فنفى ذلك الوهم (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ) يعني هؤلاء المطلقات إن أرضعن لكم ولدا من غيرهن (١) ، أو منهن بعد انقطاع عصمة الزوجية (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) فحكمهن في ذلك حكم الأظار ، ولا يجوز الاستئجار إذا كان الولد منهن ما لم تبن خلافا للشافعي رحمهالله (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ) أي تشاوروا على التراضي في الأجرة ، أو ليأمر بعضكم بعضا ، والخطاب للآباء والأمهات (بِمَعْرُوفٍ) بما يليق بالسنة ويحسن في المروءة فلا يماكس (٢) الأب ولا تعاسر الأمّ ، لأنه ولدهما ، وهما شريكان فيه ، وفي وجوب الإشفاق عليه (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ) تضايقتم فلم ترض الأمّ بما ترضع به الأجنبية ولم يزد الأب على ذلك (فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) فستوجد ، ولا تعوز مرضعة غير الأم ترضعه ، وفيه طرف من معاتبة الأم على المعاسرة ، وقوله له أي للأب أي سيجد الأب غير معاسرة ترضع له ولده إن عاسرته أمه.
٧ ـ (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) أي لينفق كلّ واحد من الموسر والمعسر ما بلغه وسعه ، يريد ما أمر به من الإنفاق على المطلقات والمرضعات ، ومعنى قدر عليه رزقه ضيّق ، أي رزقه الله على قدر قوته (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) أعطاها من الرزق (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) بعد ضيق في المعيشة سعة ، وهذا وعد لذي العسر باليسر.
٨ ـ (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) من أهل قرية (عَتَتْ) أي عصت (عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ) أعرضت عنه على وجه العتوّ والعناد (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً) بالاستقصاء والمناقشة (وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) نكرا مدني وأبو بكر ، منكرا عظيما.
٩ ـ (فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً) أي خسارا وهلاكا ، والمراد حساب
__________________
(١) في (ظ) و (ز) ظئرهن.
(٢) يماكس : أي يبخل.