يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(٩) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١١)
(آمَنُوا مَعَهُ) فيه تعريض بمن أخزاهم الله من أهل الكفر (نُورُهُمْ) مبتدأ (يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) في موضع الخبر (يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) يقولون ذلك إذا انطفأ نور المنافقين (وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
٩ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ) بالسيف (وَالْمُنافِقِينَ) بالقول الغليظ والوعد البليغ ، وقيل بإقامة الحدود عليهم (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) على الفريقين فيما تجاهدهما به من القتال والمحاجّة باللسان (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
١٠ ـ (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) مثّل الله عزوجل حال الكفار في أنهم يعاقبون على كفرهم وعداوتهم للمؤمنين بلا محاباة ، ولا ينفعهم مع عداوتهم لهم ما كان بينهم وبينهم من النسب والمصاهرة ، وإن كان المؤمن الذي يتصل به الكافر نبيا بحال امرأة نوح وامرأة لوط لما نافقتا وخانتا الرسولين بإفشاء أسرارهما ، لم يغن الرسولان عنهما أي عن المرأتين بحقّ ما بينهما وبينهما من الزواج إغناء ما من عذاب الله ، وقيل لهما عند موتهما ، أو يوم القيامة : ادخلا النار مع سائر الداخلين الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء ، أو مع داخليها من إخوانكما من قوم نوح وقوم لوط.
١١ ـ (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) هي آسية بنت مزاحم آمنت بموسى فعذّبها فرعون بالأوتاد الأربعة (إِذْ قالَتْ) وهي تعذّب (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) فكأنها أرادت الدرجة العالية لأنه تعالى منزّه عن المكان فعبّرت عنها بقولها عندك (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) أي من عمل فرعون أو من نفس فرعون الخبيثة وخصوصا من عمله ، وهو الكفر والظلم والتعذيب بغير جرم (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) من القبط كلّهم ، وفيه دليل على أنّ الاستعاذة بالله والالتجاء إليه ومسألة الخلاص منه عند المحن والنوازل من سير الصالحين.