(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)(١٠٧)
الليلة الثالثة فهمّ بنحره ، فسمّي (١) يوم النحر (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) من الرأي على وجه المشاورة لا من رؤية العين ، ولم يشاوره ليرجع إلى رأيه ومشورته ، ولكن ليعلم أيجزع أم يصبر. تري عليّ وحمزة أي ماذا تبصر (٢) من رأيك وتبديه (قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) أي ما تؤمر به ، وقرىء به (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) على الذبح ، روي أنّ الذبيح قال لأبيه : يا أبت خذ بناصيتي واجلس بين كتفيّ حتى لا أوذيك إذا أصابتني الشفرة ، ولا تذبحني وأنت تنظر في وجهي عسى أن ترحمني ، واجعل وجهي إلى الأرض ، ويروى اذبحني وأنا ساجد واقرأ على أمي السلام ، وإن رأيت أن تردّ قميصي على أمي فافعل ، فإنه عسى أن يكون أسهل لها.
١٠٣ ـ (فَلَمَّا أَسْلَما) انقادا لأمر الله وخضعا ، وعن قتادة أسلم هذا ابنه وهذا نفسه (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) صرعه على جبينه ووضع السكين على حلقه فلم يعمل ، ثم وضع السكين على قفاه فانقلب السكين ، ونودي يا إبراهيم : قد صدقت الرؤيا ، روي أنّ ذلك المكان عند الصخرة التي بمنى ، وجواب لمّا محذوف تقديره فلما أسلما وتلّه للجبين.
١٠٤ ـ ١٠٥ ـ (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) أي حققت ما أمرناك به في المنام من تسليم الولد للذبح ، كان ما كان مما ينطق به الحال ولا يحيط به الوصف من استبشارهما وحمدهما لله وشكرهما على ما أنعم به عليهما من دفع البلاء العظيم بعد حلوله ، أو الجواب قبلنا منه وناديناه معطوف عليه (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) تعليل لتخويل ما خوّلهما من الفرج بعد الشدة.
١٠٦ ـ (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) الاختبار البيّن الذي يتميّز فيه المخلصون من غيرهم ، أو المحنة البينة.
١٠٧ ـ (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ) هو ما يذبح ، وعن ابن عباس هو الكبش الذي قرّبه هابيل فقبل منه ، وكان يرعى في الجنة حتى فدي به إسماعيل ، وعنه : لو تمت تلك الذبيحة لصارت سنة وذبح الناس أبناءهم (عَظِيمٍ) ضخم الجثة سمين ، وهي السّنّة في الأضاحي.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) فسمي اليوم يوم النحر.
(٢) في (ز) تصبر.