(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا) (١٠)
(تَعْرُجُ) تصعد ، وبالياء عليّ (الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) أي جبريل عليهالسلام خصه بالذكر بعد العموم لفضله وشرفه ، أو خلق هم حفظة على الملائكة كما أنّ الملائكة حفظة علينا ، أو أرواح المؤمنين عند الموت (إِلَيْهِ) إلى عرشه ومهبط أمره (فِي يَوْمٍ) من صلة تعرج (كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) من سني الدنيا لو صعد فيه غير الملك ، أو من صلة واقع أي يقع في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سنيكم ، وهو يوم القيامة ، فإما أن يكون استطالة له لشدته على الكفار أو لأنه على الحقيقة كذلك ، فقد قيل فيه خمسون موطنا كلّ موطن ألف سنة وما قدر ذلك على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر.
٥ ـ (فَاصْبِرْ) متعلق بسأل سائل ، لأن استعجال النضر بالعذاب إنما كان على وجه الاستهزاء برسول الله صلىاللهعليهوسلم والتكذيب بالوحي ، وكان ذلك مما يضجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأمر بالصبر عليه (صَبْراً جَمِيلاً) بلا جزع ولا شكوى.
٦ ـ (إِنَّهُمْ) إنّ الكفار (يَرَوْنَهُ) أي العذاب ، أو يوم القيامة (بَعِيداً) مستحيلا.
٧ ـ (وَنَراهُ قَرِيباً) كائنا لا محالة ، فالمراد بالبعيد البعيد من الإمكان وبالقريب القريب منه.
٨ ـ نصب : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ) بقريبا ، أي يمكن في ذلك اليوم ، أو هو بدل عن في يوم فيمن علّقه بواقع (كَالْمُهْلِ) كدرديّ الزيت ، أو كالفضة المذابة في تلونها.
٩ ـ ١٠ ـ (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) كالصوف المصبوغ ألوانا ، لأن الجبال جدد (١) بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود فإذا بسّت (٢) وطيّرت في الجو اشبهت العهن المنفوش إذا طيّرته الريح (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) لا يسأل قريب عن قريب لاشتغاله بنفسه ، وعن البزيّ (٣) والبرجميّ بضم الياء أي ولا يسأل قريب عن قريب ، أي لا يطالب به ولا يؤخذ بذنبه.
__________________
(١) جدد : طرائق تخالف لون الجبل (القاموس ١ / ٢٨١ هامش).
(٢) بسّت : زجرت (القاموس ٢ / ٢٠٠).
(٣) البزّي : هو أحمد بن محمد بن عبد الله البزي ، أبو الحسن ، من كبار الشعراء من أهل مكة ولد عام ١٧٠ ه وتوفي عام ٢٤٣ ه (الأعلام ١ / ٢٠٤).