(وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ) (١١٣)
منع الشفرة أن تمضي فيه ، وهذا لا يقدح في فعل إبراهيم ، ووهب الله له الكبش ليقيم ذبحه مقام تلك الحقيقة في نفس إسماعيل بدلا منه ، وليس هذا بنسخ منه للحكم كما قال البعض بل ذلك الحكم كان ثابتا إلا أنّ المحل الذي أضيف إليه لم يحلّه الحكم على طريق الفداء دون النسخ ، وكان ذلك ابتلاء ليستقرّ حكم الأمر عند المخاطب في آخر الحال ، على أنّ المبتغى منه في حقّ الولد أن يصير قربانا بنسبة الحكم إليه مكرما بالفداء الحاصل لمعرّة الذبح مبتلى بالصبر والمجاهدة إلى حال المكاشفة ، وإنما النسخ بعد استقرار المراد بالأمر لا قبله وقد سمّي فداء في الكتاب لا نسخا.
١٠٨ ـ (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) ولا وقف عليه لأن :
١٠٩ ـ (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) مفعول وتركنا.
١١٠ ـ (كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ولم يقل إنّا (١) هنا كما في غيره لأنه قد سبق في هذه القصة فاستخفّ بطرحه اكتفاء بذكره مرة عن ذكره ثانية.
١١١ ـ ١١٢ ـ (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ. وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا) حال مقدرة من إسحاق ، ولا بدّ من تقدير مضاف محذوف أي وبشرناه بوجود إسحاق نبيا ، أي بأن يوجد مقدرة نبوّته ، فالعامل في الحال الوجود لا فعل (٢) البشارة (مِنَ الصَّالِحِينَ) حال ثانية وورودها على سبيل الثناء ، لأنّ كلّ نبيّ لا بد وأن يكون من الصالحين.
١١٣ ـ (وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ) أي أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا ، وقيل باركنا على إبراهيم في أولاده وعلى إسحاق بأن أخرجنا من صلبه ألف نبي أوّلهم يعقوب وآخرهم عيسى عليهمالسلام (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ) مؤمن (وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ) كافر (مُبِينٌ) ظاهر ، أو محسن إلى الناس وظالم على نفسه بتعديه عن حدود الشرع ، وفيه تنبيه على أنّ الخبيث والطيب لا يجري أمرهما على العرق والعنصر ، فقد يلد البرّ الفاجر والفاجر البرّ ، وهذا مما يهدم أمر الطبائع والعناصر ، وعلى أنّ الظلم في
__________________
(١) في (ظ) و (ز) إنّا كذلك.
(٢) ليس في (ز) فعل.